ما حدث لكنيسة الإسكندرية ليس مجرد جريمة محدودة الهدف، لكنه جزء من مخطط طويل المدي، والمسألة تتجاوز مجرد دق اسفين بين المسيحيين والمسلمين في مصر، وزيادة حدة الاحتقان الطائفي، وضرب الوحدة الوطنية في مقتل. الحادث المأساوي المؤسف جاء في سياق، له ما قبله، وبالتأكيد فإن ثمة تخطيطا لما يأتي بعده، والأمر يحتاج إلي ذاكرة قوية، لاستعادة ملامح خطط تفتيت معلنة للدول العربية علي أساس مذهبي وديني وعرقي، كما يحتاج إلي حدة بصر ليس فقط للتعامل بيقظة مع اللحظة الراهنة، ولكن أيضا لاتخاذ جميع التدابير الضرورية لقطع الطريق علي استمرار تنفيذ سيناريو خطير، نري همة بالغة في تنفيذه بمجرد متابعة ما يحدث في لبنان، منذ عقود، ثم معاناة العراق والسودان من جراء وصول آلة التقسيم إليهما، وحتي اليمن لم يعد المستهدف أن يعود لينقسم إلي شمال وجنوب، وإنما بدأ الحديث عن السلطنات القديمة يطل برأسه! و..و.. وخرائط الدم التي ترسم ملامح مختلفة للشرق الأوسط لم تعد للإدراج، لكنها فقط تنتظر الفرصة المواتية لفرضها، والذين وضعوها لايخفون أهدافهم أو مصالحم، وهم لا يستثنون دولة من أقصي المغرب العربي، إلي وسط آسيا حيث باكستان وأفغانستان، مرورا بالخليج العربي وإيران، وحتي تركيا الصديق التقليدي للغرب، باتت من وجهة نظر أمريكا »أكبر مما يجب« وفقا لما كشفه ويكيليكس! جريمة الاسكندرية بقدر ما تمثل نقلة نوعية في الارهاب الذي يستهدف أمن مصر ومستقبلها، فإنها مؤشر خطير علي استعجال أصحاب خرائط التفتيت لدفع مخططاتهم بسرعة أكبر، وخفوت الحديث عن الفوضي الخلاقة، لم يكن إلا هدنة مؤقتة لاحلال البديل: أي الفوضي غير الخلاقة، عبر تحالف بين الإرهاب الاصولي واحدث نسخة للاستعمار الخبيث! مصر الدولة المركزية الأولي عبر التاريخ مطالبة بالرد القوي علي كل من يستهدف أمنها ووحدتها القومية ومستقبل ابنائها. علاء عبدالوهاب