اعتماد نتائج برامج كلية التجارة الدولية واللغات بجامعة الإسماعيلية الأهلية    محافظ الإسماعيلية يناقش مشكلات مياه الشرب بالمراكز والمدن والأحياء    إيران: القبض على 2 من عملاء الموساد بحوزتهما 200 كلغ متفجرات و23 طائرة مسيرة    مجلس اليد يحفز منتخب الشباب قبل انطلاق ماراثون المونديال    توماس مولر: واجهنا أوكلاند بشراسة هجومية.. واستمتعت بهدفي الأخير مع الجماهير    جلسة منتظرة بين جالاتا سراي ووكيل تشالهانوجلو    طارق يحيى: الأهلي خسر نقطتين أمام انتر ميامي.. وتغييرات ريبيرو لغز    لدغة ثعبان تُنهي حياة تلميذ في قنا    مصدر: إصابة رئيس ومعاون مباحث أطفيح و5 شرطيين وسائق في مداهمة أمنية    عرض «صورة الكوكب» و«الطينة» في الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    موعد ومكان عزاء نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    أحمد سعد يبدأ صيف غنائي حافل من الساحل.. ويحتفل مع طلاب الجامعة الأمريكية    ظهور مختلف ل كريم فهمي في «220 يوم».. والعرض قريبًا    عبير الشرقاوي: والدي كان حقاني ومش بيجامل حد    أسباب الوزن الزائد رغم اتباع نظام الريجيم    أمل مبدي: الشخص المصاب بمتلازمة داون مؤهل لتكوين أسرة بشرط    رحلة إلى الحياة الأخرى.. متحف شرم الشيخ يطلق برنامجه الصيفي لتعريف الأطفال بالحضارة المصرية القديمة    لميس الحديدي: كرة اللهب تتناوب بين تل أبيب وطهران.. ولا نهاية قريبة للحرب    شباب القلب.. 4 أبراج تتمتع بروح الطفولة    أمين الفتوى يوضح حكم الزيادة في البيع بالتقسيط.. ربا أم ربح مشروع؟    «الشروق» تكشف موقف بن شرقي بعد الغياب عن مباراة إنتر ميامي    عضو بالبرلمان التونسي: «الإخوان» اخترقوا قافلة الصمود وحولوها لمنصة تهاجم مصر وليبيا    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أوليس أفضل لاعب بمباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند سيتى فى كأس العالم للأندية    السعودية: وصول طلائع الحجاج الإيرانيين إلى مطار "عرعر" تمهيدًا لمغادرتهم    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    رسمياً.. جينارو جاتوزو مديراً فنياً لمنتخب إيطاليا    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    عائلة تطرح جزيرة في اسكتلندا للبيع بسعر أقل من 8 مليون دولار    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    توتنهام يضم الفرنسي ماتيل تيل بشكل نهائي من بايرن ميونخ    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    أولياء أمور طلاب الثانوية العامة يرافقون أبنائهم.. وتشديد أمنى لتأمين اللجان بالجيزة    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الإرهاب وزراعة الفتنة !
نشر في أكتوبر يوم 09 - 01 - 2011

سمعت تعليقات كثيرة عن حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية.. كلها حاولت توصيف الحادث توصيفا دقيقا ووضعه فى إطاره الصحيح.. وكلها حاولت تهدئة المشاعر الغاضبة.. بعضها مضى خطوت أبعد فراح يتحدث عن حلول وعلاجات ومطالبات..
أكثر التعليقات التى أثارت انتباهى.. رسالة وصلتنى من الصديق لواء طيار حسين القفاص.. أحد أبطال حرب أكتوبر قال فيها: كنت آمل أن يقدم العزاء كل من شيخ الأزهر والمفتى والبابا شنودة إلى الرئيس مبارك، فالشهداء كلهم مصريون والعزاء لمصر كلها لا لطائفة واحدة..
كلمات الرسالة قليلة لكنها تحمل معانى كثيرة.. الحادث الذى وقع فى الإسكندرية حادث إرهابى مثله مثل الحوادث الإرهابية التى شهدتها مصر من قبل.. طابا والحسين وشرم الشيخ وغيرها.. وإذا كان ضحايا الحادث الأخير من المسيحيين فهم قبل ذلك وبعده مصريون.. ولذلك فإن العزاء لمصر كلها وليس للأقباط وحدهم.. وكان واجبا أن يتقدم الجميع بالعزاء للرئيس مبارك رمز مصر ورئيس كل المصريين..
هذه هى المواطنة التى تردد اسمها كثيرا فى التعليق على الحادث الإرهابى.. وهذا هو المعنى الذى يجب أن يستوعبه الجميع.. حادث إرهابى يستهدف وقوع فتنة طائفية.. وليس فتنة أدت إلى وقوع الحادث..
ولابد أن هناك من خطط لتنفيذ الحادث.. ولابد أن هناك من يسعى للاستفادة من وقوع الفتنة!..
و طبقا لما أكده خبراء الأمن فإن العملية الإرهابية التى استهدفت كنيسة القديسين تمثل نوعاً من الجرائم الإرهابية التى تتسم بالاحترافية.. وهو ما يؤكد أن هناك تخطيطاً مسبقاً للعملية وأنها لم تتم كعمل فردى عشوائى..
التحقيقات التى تسابق الزمن.. ستحدد بالطبع هوية المنفذين ومن ثم سيتم معرفة المخططين.. هل العملية من تخطيط وتنفيذ تنظيم القاعدة؟.. هل هى جهات خارجية ركبت موجة القاعدة؟.. هل يمكن أن يكون الحادث من تخطيط وتنفيذ الخلايا النائمة فى مصر؟.. هل هو عمل فردى؟..
كل هذه التساؤلات ستكشف عنها التحقيقات.. وحتى يتم الكشف عنها فليس أمامنا إلا الاحتمالات والتخمينات.. لكننا نستطيع بصفة عامة أن نقول إن هناك جهات أجنبية تقف وراء الحادث.. جهات لها مصلحة.. وأظننا سمعنا الرئيس مبارك وهو يتحدث فى أعقاب الحادث للشعب عن الجريمة ويقول إن هناك أصابع خارجية وراء هذه الجريمة الإرهابية الجبانة.. ومعروف أن الرئيس لا يتكلم متأثرا بانطباعات وإنما هو بحكم موقعه وشخصيته لا يتكلم إلا بناء على معلومات وتقارير..
فإذا اتفقنا أن الحادث عمل إرهابى مدبر من جهة خارجية فمن السذاجة أن نتصور أنها تستهدف قتل المسيحيين لمجرد قتلهم.. من السذاجة أن نتصور أن عملية التفجير التى راح ضحيتها مواطنون أبرياء كانوا يحتفلون بقدوم العام الجديد فى الكنيسة.. هى الهدف النهائى للمخططين.. لابد أن هناك هدفاً أكبر.. لابد أن الهدف هو مصر.. أو بالتحديد ضرب الاستقرار فى مصر..
بهذا المنطق نجد أنفسنا أمام جهة.. ليس بالضرورة أن تكون هى المنفذة.. لكنها خططت للعملية بهدف إشعال نيران الغضب فى نفوس المسيحيين والإيحاء لهم بأن المسلمين فى مصر هم المسئولون والهدف بالطبع إشعال نار الفتنة الطائفية ومن ثم ضرب الاستقرار..
ويقودنا هذا المنطق فى الحقيقة إلى نتيجة مهمة وهى أن الهدف الأكبر لعملية كنيسة الإسكندرية هو حدوث مصادمات بين المسلمين والمسيحيين.. ويمكن أن يكون ذلك من خلال الاندساس فى المظاهرات الغاضبة وقيادتها فى اتجاه معين.. وأظننا سمعنا البابا شنودة يقول إن هناك من استثمر مظاهرات الغضب والاندساس فيها..
ضرب الاستقرار فى مصر هو الهدف الأكبر للعملية الإرهابية التى تمت فى الإسكندرية.. وقد يكون الهدف أبعد وأخطر.. قد يكون الهدف هو تقسيم مصر.. وليس ذلك مستبعدا بعد أن بدأنا نسمع نغمة الحماية الدولية للمسيحيين فى مصر!..
وسواء كان الهدف هو ضرب الاستقرار أو تقسيم مصر فنحن نواجه خطراً عظيماً يستلزم أن نتحرك بسرعة وحكمة!..
***
سمعت كثيرين يتحدثون سواء من المسيحيين أو المسلمين عن الاحتقان الطائفى الموجود.. وسمعت مطالب محددة.. قانون دور العبادة.. تفعيل المواطنة.. إعطاء فرصة للأقباط لاحتلال الوظائف والمواقع أسوة بالمسلمين.. إلى آخر هذه المطالب والاقتراحات..
وليس هناك شك فى أن هناك احتقاناً طائفياً موجوداً.. وليس هناك خلاف على أن هناك ضرورة لتفعيل المواطنة وتحقيق المساواة الكاملة بين المسيحيين والمسلمين.. ليس هناك خلاف على ذلك كله.. لكننى أختلف مع الذين يتصورون أن تحقيق هذه المطالب سيمنع العمليات الإرهابية.. سواء ضد المسيحيين أو غيرهم.. لأن الإرهاب له أهداف أكبر من المسيحيين والمسلمين..
وربما لهذا السبب حرصت على التأكيد من البداية أن الحادث عمل إرهابى يستهدف وقوع فتنة طائفية.. وليس فتنة أدت إلى وقوع الحادث.. الاحتقان الطائفى موجود لكنه ليس سبب العمليات الإرهابية.. بل إنه من السذاجة أن نتصور أن إزالة أسباب الاحتقان يمكن أن تمنع العمليات الإرهابية!..
منع العمليات الإرهابية يحتاج إلى يقظة أمنية عالية وإلى وعى أكبر للمواطنين.. أما الربط بين الإرهاب والاحتقان الطائفى فهو خلط مقصود ومتعمد للأوراق!..
من هذا المنطلق أتصور أنه من الحكمة أن يتم تأجيل مناقشة مطالب المظاهرات الغاضبة.. لأن مناقشتها فى هذا التوقيت يمكن مع الأجواء المتوترة أن يؤدى إلى مالا يحمد عقباه.. خاصة لو تصور البعض أن هناك من يحاول استثمار الحادث وانتهاز فرصة الغضب لتحقيق مطالب!..
ولا ينفى ذلك أن نضع على رأس قائمة اهتماماتنا العمل على إزالة الاحتقان الطائفى.. الذى لم تعرفه مصر فى الواقع على امتداد تاريخها الطويل.. لأن المؤامرة بجميع أشكالها وأهدافها لن تنجح إذا كان الداخل أقوى من الخارج.. ولابد أن نبدأ فورا وبعد الكشف عن ملابسات الحادث الإرهابى الذى شهدته الإسكندرية.. لابد أن نعمل على تقوية جهاز مناعة الداخل!..
***
لابد من الاعتراف بأن التصدى للفتنة الطائفية وإزالة الاحتقان الطائفى لم يعد يصلح معه المجاملات والقبلات المتبادلة بين رجال الدين المسيحى وعلماء الإسلام.. لابد من مواجهة حقيقية وواقعية للمشكلة..
وأسباب الاحتقان الطائفى معروفة.. تكاد لا تخرج عن أسباب محددة.. مشكلة بناء الكنائس وحالات الزواج ما بين المسلمين والمسيحيين وما يستتبعها من أزمات وتوترات.. ثم قضية المواطنة.. وكل هذه الأسباب يمكن مناقشتها بعقل وحكمة وهدوء.. والأهم رغبة حقيقية فى التوصل إلى حل.. غير أن السبب الأكبر هو الخطاب الدينى السائد الذى يمثل قنبلة موقوتة.. والذى يتحمل مسئوليته المتطرفون من الجانبين.. ولعل أقرب الأمثلة لذلك الدكتور محمد سليم العوا والأنبا بيشوى فقد أدت تصريحاتهما وكلماتهما إلى رفع حالة الاحتقان الطائفى بدرجة ملحوظة..
الحقيقة أن الفضائيات على وجه الخصوص والإعلام على وجه العموم يلعبون أيضاً دورا خطيرا فى زيادة أسباب الاحتقان الطائفى يصل إلى درجة التحريض..
أتذكر أننى التقيت بالنائب العام الدكتور المستشار عبدالمجيد محمود فى أعقاب حادث نجع حمادى وقلت له إننى أختلف معه حول تصريحاته التى قال فيها إن التحقيقات أكدت عدم وجود محرضين.. وقلت له بالحرف الواحد: هناك بالتأكيد محرضون.. وعندما نظر إلىَّ النائب العام مندهشا قلت له: الإعلام هو الذى حرّض على الجريمة وهو الذى يستمر فى التحريض..
ولا يزال هذا هو رأيى.. الإعلام يلعب الدور الأكبر فى التحريض على الاحتقان الطائفى.. خاصة الفضائيات التى تناقش المشاكل الطائفية بصورة بعيدة كل البُعد عن مفهوم الدين الصحيح.. الإسلامى أو المسيحى.. ثم الجرائد التى تعيش وتقتات على نشر قصص الخلافات بين المسلمين والمسيحيين وخاصة قصص العشق والزواج وما يحدث بعدها من خلافات وانشقاقات..
وأظن أنه من حقنا جميعا أن نبدى دهشتنا لسكوت الحكومة على هذه الظاهرة.. لماذا تسكت الحكومة ولماذا تتغافل الدولة عن هذا الخطر الذى يهددنا جميعاً؟..
الحديث عن ميثاق الشرف الصحفى وعن قانون البث الفضائى لم يعد مجديا وليس له معنى.. فنحن نواجه تحدياً خطيراً لا تنفع معه مثل هذه الإجراءات الناعمة!..
***
الفارق كبير بين الصناعة والزراعة.. والإرهاب صناعة وليس أسهل من صناعة إرهابى وتزويده بالإمكانيات التى تسمح له بتنفيذ عمليات إرهابية.. أما الفتنة الطائفية فهى زراعة تحتاج إلى البذور والماء والتربة ثم الرعاية.. وإذا كان دور أجهزة الأمن منع استيراد منتجات صناعة الإرهاب.. فإنها لا تستطيع أن تمنع زراعة الفتنة الطائفية.. ببساطة لأننا جميعا نشارك فى زراعتها بتزويدها بالبذور والمياه والتربة ونعمل على رعايتها!..
نفعل ذلك بقصد.. وبغير قصد!..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.