ويري الكاتب أن الكثير من المفسرين قد أخطأوا عندما حبسوا معناها في سورة الفاتحة فقط بينما المعني الحقيقي لها يمتد ليشمل مفاهيم عديدة أخري يزخر القرآن الكريم بأسرار عديدة تكمن ما بين السطور، وكم من لقطات أو لمحات أو إشارات مركزة تدور حول كلمة أو جملة أو آية مقتطفة من الذكر الحكيم، أيّ منها قد يحتوي علي معلومة أو يعرض لرأي أو يكشف عن معني جديد بل ومتجدد، حيث غالبا ما يحتمل هذا المعني المغاير ويقبل باستمرار الإضافة والتعديل حسبما تكشف مختلف العلوم عن الحديث فيها، ووفقا لما تسفر عنه آراء المجتهدين والمتدبرين لآيات الله من أفكار ودلالات.. أما المجتهدون والمتدبرون لآيات الله فهم لا يقرأون القرآن كما يقرأه عوام المسلمين ولكنهم يغوصون فيه سعيا للوصول لأعماقه، وذلك امتثالا لأمر الله تعالي بتدبر القرآن، هذا التدبر الذي فرضه الله تعالي علي جميع المسلمين ولم يخص به فئة دون فئة أو رعيلا دون رعيل أو جيلا دون جيل.. من هؤلاء المجتهدين والمتدبرين المهندس محمد عبد العزيز خليفة الذي استطاع أن يطرق بمطرقة الفكر الإنساني كلمات القرآن وحروفه لتنبع منه أسرار تروي شبق الإنسانية للتعرف عن قرب بمكنونات كنوز القرآن، وكان كتابه الذي صدر مؤخرا «وعلمناه من لدنا علما» لسانا ينطق بأمر الحق متعمقا في أغوار كلمات القرآن ليستخرج اللآليء والدرر.. لقد استطاع الكاتب أن يمزج تخصصه كأستاذ في تصميم وبناء نظم معلومات الحاسب الآلي وعلوم الإحصاء مع كلمات القرآن ليضرب المثل الأروع في تمازج القرآن مع العلوم التجريبية وليستخرج ما بين السطور وليقترب من فهم ما لم يصرح به النص، وليصيغ لنا في النهاية مجموعة من الاجتهادات العقلية والوقفات التأملية للغوص في كلمات الله لاستجلاء أبعاد معانيها واستخراج بواطن مراميها حيث استطاع أن يدرك جمال النص ومتعة البيان من خلال الغوص في أعماق التدبر السبع.. أما لماذا هي سبع تحديدا، فالكاتب يجيب عن ذلك في مقدمة كتابه أنها استنادا للإشارة الربانية التي وردت في العديد من الآيات ومنها : «ولقد آتيناك سبعا من المثاني».. ويري الكاتب أن الكثير من المفسرين قد أخطأوا عندما حبسوا معناها في سورة الفاتحة فقط بينما المعني الحقيقي لها يمتد ليشمل مفاهيم عديدة أخري.. منها المثاني من الثناء والثناء لا يكون إلا لله، والمثاني من الثني والإنثناء وهذه لا تكون إلا في أطراف الأشياء وبالتالي فهناك معان خفية في الإنثناءات.. الأمر الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المعاني في آيات القرآن لا تعني فقط المعني الأول والذي نستنبطه للوهلة الأولي والذي هو في الأغلب الأعم ذو بساطة شديدة ويناسب ذوي الإدراك المتدني من البسطاء من غير المتعمقين.. ولكن يحدث في بعض الأحيان أن يسأل أحدنا نفسه عند قراءة كلمة قرآنية بذاتها أو تركيبة لفظية خاصة – وكأننا نقرأها لأول مرة – ماذا يعني الحق بتلك الكلمة في هذا الموضع ؟ ولماذا استخدم هذه اللفظة في هذا المقام ولم يستخدمها في مثل ذلك المقام في السابق أو في اللاحق ؟ ولماذا لم يستخدم لفظة شائعة الاستخدام وأبدلها لفظة نادرة الظهور ؟ ولماذا اختلف شكل الكتابة القرآنية عما هو شائع الاستخدام في كتاباتنا ؟ وقد يفتح الله علي أحدنا بالإجابة وعندها سوف يري بنور الله عمقا جديدا وأبعادا شتي غير الذي اعتاد تعاطيه من قبل.. وذلك كله من خلال سياحة فكرية في كتاب الله وغوص في بحار آيات الذكر لاستخراج ما سوف يأخذنا إليه التدبر الدءوب من لآليء الآيات.