كل من لديه أدني فكرة عن الإرث الثقافي وطبيعة تكوين الشخصية اليابانية يعرف جيدا مدي صعوبة التفاوض مع اليابانيين، فهم قوم لا يتيحون لما يعرف بالفشل أن يجد طريقا اليهم. لي الشرف أن أقدم هنا ليس مجرد نبذة عن أكبر تعاون علمي أكاديمي بين حكومتي مصر واليابان بل هو أعلي مشروع للتعاون العلمي من نوعه تقدمه اليابان مع أي دولة أخري ! مع ذلك فالقيمة العالية يضاف اليها اعجاب جارف عندما ندرك قدر العناء الذي بذل وما كان بهين، اعجاب وتقدير لمن شقوا هذا الطريق بل الأصح القول لمن بادرت وشقت هذا الطريق تابعته ووالته حتي اكتمل، انما علي طريقتها التي عرفت بها منذ كانت الساعد الأيمن للدكتور بطرس بطرس غالي علي عهد ما كان الأمين العام للأمم المتحدة ... كانت تقريبا الشخصية الأهم بعد بطرس غالي في ادارة شؤون المنظمة الدولية، متخذة طريقها علي طريقتها التي عرفت بها، التعامل بهدوء ودون جلبة أو صخب فلا أجد من تعبير مناسب لأسلوبها في العمل بعقليتها المرتبة وعزيمتها والمثابرة أكثرمن كلمتي الجدارة والرقي عندما يجتمعان كلمتان معبئتان بحمولة من معان، ربما منهجها هذا ما حقق لمبادرتها بهذا المشروع العلمي أن تتحقق مع اليابانيين، فالشراكة العلمية الفريدة هذه جاءت ثمرة جهد دءوب صامت وصبور بدايته كانت من عام 2003 ... اري أن أحكي لكم الحكاية من البداية: الوزيرة فايزة ابو النجا كانت في زيارة رسمية لليابان ولأنها كانت تحمل رسالة الي رئيس الوزراء كويزومو من الرئيس مبارك، سمحت لنفسها خلال اللقاء أن تبادر وتعرض علي كويزومي اقتراحا باقامة جامعة مصرية يابانية مشتركة في مصر تقوم علي الأبحاث العلمية والتكنولوجية بمعايير العصر... فوجيء كويزومو فطلبت أن يسمح لها فقط بالضوء الاخضر لطرح اقتراحها علي من تتناولهم الزيارة من رسميين و قد كان.. في اليوم التالي كانت المقابلة مع رئيس البرلمان ثم وزراء ومسئولين فأعدت شرح اقتراحها أمام كل منهم، علما بأن لليابانيين نظاما ( سيستم ) يتيح ان يعلم كل مسئول ياباني مضمون مقابلة الضيف مع من سبق من زملائه فهم يزاولون العمل كفريق منذ عهد الطفولة في المدرسة الي آخر عهدهم بوظائف الحياة ! انتهت الزيارة باحالة الاقتراح الي JICA أي وكالة التعاون الدولي لليابان مما اعتبر أنه قبول النظر مبدئيا في الفكرة ... بعد ذلك بدأت مرحلة المفاوضات المضنية ! قبل المضي لابد أن نفتح قوسا كبيرا لنسجل أن هذه الوزيرة ذات الهمة والعزم والفهم الصحيح لمعاني الانتماء والوطن سبق وحاولت مرارا اقناع الأمريكيين من خلال وكالة التعاون الدولي أن يخصصوا جزءا من المعونة تقدم منحا أمام الدارسين المصريين في التخصصات العلمية المطلوبة لهذا العصر، لكن الباب الامريكي ظل موصدا أمام المطلب.. لذلك وبالاتفاق والتنسيق مع د. هاني هلال وزير التعليم العالي وقتها استقر رأيهما أن تطرق باب اليابان. كل من لديه أدني فكرة عن الارث الثقافي وطبيعة تكوين الشخصية اليابانية يعرف جيدا مدي صعوبة التفاوض مع اليابانيين، فهم قوم لا يتيحون لما يعرف بالفشل أن يجد طريقا اليهم.. هكذا طبيعتهم لذا يبذلون فائق الاهتمام باستطلاع كافة التفاصيل بدقائقها لا محل لسهو أو خطأ أو كلفتة، وهذا ما يتطلب شفافية كاملة ونفسا طويلا وصبرا في التفاوض.. فاذا ما تم الاتفاق فتحوا الباب وبدأ التنفيذ علي الفور ! كم استغرق التفاوض ؟ خمس سنوات ونصف بالتمام من 2004 الي مايو 2009 وقع الاتفاق ويومها ولدت جامعة EJUST المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجي، ولم تنتظر المباني بل بمقر مؤقت بدأت بالدراسات العليا للدكتوراه والماجستير، ومن مدة قريبة تخرجت الدفعة الاولي سبعين شابا في تخصصات علمية نادرة حملوا درجاتهم العليا من هذه الجامة الوليدة وقد عادوا الآن لجامعاتهم بين أنحاء مصر. خصصت الحكومة مائتي فدان في برج العرب لمقر الحرم الجامعي وسكن الطلبة والأساتذة وجاء اختيار الموقع لارتباطه بالبيئة الصناعية والانتاجية القريبة، فالدراسة العصرية مهمتها تنمية قدرات الطلبة علي البحث والابتكار المرتبطين بالتجربة الحية للتعامل مع التحديات ومشاكل ابليئة المحيطة.. هذا هو مفهوم مراكز الامتياز Centers of Excellence وهو لون من جامعات بحثية – تطبيقية عليها تقوم النهضة العلمية بمفهومها الحديث.. الانشاءات والتجهيزات محدد لها عامين حيث تبدأ الدراسة أول عام 2017 بكليتين: الهندسة وعلوم الطاقة الجديدة والمتجددة وكل ما يتفرع من تخصصات. المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء افتتح في 4 سبتمبر أعمال مجلس الأمناء الجديد الذي انتخب السفيرة والوزيرة السابقة فايزة ابو النجا رئيسا للمجلس و يمثل الجانب الياباني منه رؤساء ثلاث من اكبر الجامعات والمعاهد اليابانية ونائب رئيس وكالة التعاون الدولي غير تمثيل لوزارات الخارجية والتعاون الدولي والتعليم العالي في كلتا الدولتين ورئيس أكاديمية البحث العلمي ود. اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية ومعهم أربعة أعضاء يمثلون كبري الشركات اليابانية والمصرية ممن قدموا منحا دراسية.. مجلس الامناء في مجموعة 14 غير فايزة ابو النجا رئيس مجلس الأمناء... الالتحاق بامتحان قبول والمصاريف في حدود 13 ألف دولار مع تدبير منح دراسية بأقصي قدر ممكن وباب الالتحاق مفتوح أمام نسبة من الطلبة العرب والأفارقة بنحو خاص .