اكثر الحقائق الثابتة منذ قديم الزمن ان قمم الاهلي والزمالك حالة خاصة لا علاقة لها بالاحوال الاخري هكذا استقر الانطباع واليقين عنها في عقول الجميع لاعبين ومدربين وجمهور واعلام وبفضل ذلك احتفظت هذه القمم بخصوصيتها واثارتها ودرجة ترقبها وانتظارها. لم ينظر احد في يوم من الايام الي اي قمة علي انها مباراة عادية ولم يتجرأ اي خبير كروي ان يتوقع لها سيناريو او نتيجة حتي عندما كان الاهلي في المركز الاول والزمالك في المركز الثاني عشر وهذا ايضا سر تلاعبها بمشاعر الملايين ويكاد يكون ذلك انفرادا للدربي المصري عن الدربيات الاخري في العالم التي يسهل في ظروف ما ان تتوقع سيناريو ونتيجة مثلما كان يحدث مؤخرا في الدربي الاشهر بين ريال مدريد وبرشلونة. ومنذ عام 1948 بداية الدوري المصري كان لكل دربي بين الفريقين ظروف خاصة نفسية وفنية فيبدو للناس انه مختلف عن كل ما سبقه من دربيات ومنذ ان تم استبعاد الحكام المصريين من ادارتها زادت اثارتها وتوفر لها قسط كبير من العدالة وابتعدت عن التوازنات والحسابات واهواء المتعصبين اصحاب النفوذ الذين كادوا يفسدون ابرز ظاهرة كروية في مصر فاخطاء الحكام الاجانب مقبولة لانهم في النهاية محايدون لا حسابات عندهم مع الجمهور والاعلام والحملات الصحفية الملونة. ولان الدربي المصري خاص جدا وينفذ مباشرة الي تركيب المجتمع المصري ويعشش في جيناته فانه دائما يراعي الواقعية في الملعب ولا يبني اداءه علي الصورة الذهنية التي تكونت عن الفريقين فيما سبقه من مباريات واي منهما يشذ عن قاعدة الواقعية يخرج خاسرا لانه لم يراع اصول القمة الثابتة تاريخيا. ومن هذا المنطلق سوف تكون الواقعية شعار قمة اليوم »106« ومن لم يكن واقعيا سوف يتعثر في الملعب ويتعب نفسيا بعد المباراة واذا كانت الصورة الذهنية لصالح الزمالك نظريا فان بناء الجهاز الفني عليها معناه انه لا يفهم الدربي المصري ويشذ عن القاعدة ويلعب بغرور ويخسر ولان حسام حسن المدير الفني للزمالك خبير مخضرم في شئون القمة وهو الذي لعب باللونين الاحمر والابيض سوف يحمي فريقه من الغرور ويجنح الي الواقعية وهو لا ينتظر نصائح لانه ادري من الجميع بما له وعليه ويعرف اكثر من غيره ان الاهلي عندما يريد ان يلعب في مباراة حساسة فانه علي الاقل لا يكون لقمة سائغة حتي لو عاني فنيا. وفي المقابل يستحيل ان يصبح الاهلي طرفا خائفا من القمة وهو الادري بشعابها وبين صفوفه نجوم كبار مخضرمين يعرفون كيف يتحملون المسئولين ومتمرسون في الواقعية التي تتجنب الخوف واذا خاف الاهلي يكون غريبا علي نفسه وجمهوره وهو تحت قيادة زيزو صاحب بصمات شهيرة وتاريخية في القمم ومعه نجوم في حجم خبرة وتمرس وثقل محمد ابوتريكة ومحمد بركات ووائل جمعة واحمد فتحي وسيد معوض وحسام غالي وجدو هل من المنطق او المعقول ان يعتبر الاهلي نفسه ناقصا او معيوبا وهو يلعب بهذه الاسماء؟ وهل من الطبيعي ان تتكون عنه صورة ذهنية غير واقعية في امتحان آخر العام؟ سوف يقع كل طرف في خطأ فادح اذا لم تكن نظرته صحيحة لنفسه وللطرف الاخر وايضا لطبيعة وثوابت القمم. ويمكن التدليل علي كل هذا الكلام من خلال القراءة السريعة للفريقين قبل لقاء اليوم بوضعهما في ميزان المقارنة للتأكيد علي اهمية وحتمية الجنوح الي الواقعية ومبدئيا يتوفر التكافؤ في شخصية كل من الفريقين فهما من طراز الفرق الكبيرة التي تلعب للفوز وينساق اداؤهما تلقائيا الي الامام وليس لهما علاقة بثقافة الدفاع وربما كان ذلك سببا في احراجهما امام فرق اخري منافسة اصبحت قوية تستغل الاندفاع التلقائي الي الامام في الانطلاق خلال مساحات واسعة في خطوطهما الخلفية فيتكون الانطباع بان الدفاعات سيئة ومليئة بالثغرات وايضا ربما تكون المشكلة الاساسية للفريقين اليوم انهما سيلعبان مباراة مفتوحة يتفوق فيها الفريق الذي يرتكب اقل اخطاء دفاعية لن يتفوق الفريق الذي يملك اقوي هجوم بل الذي يملك اقوي دفاع فاذا كان الهجوم خير وسيلة للدفاع فان الدفاع القوي خير وسيلة للفوز هذا ما تؤكد الكرة العالمية الان حتي فريق برشلونة الخيالي لو لم يكن يملك قلبي الدفاع الشرسين بويول وبيكيه لما حقق كل هذه الامجاد. وكذلك يشترك الاهلي والزمالك في نقاط الضعف الدفاعية حسب ما ظهر في المباريات الاخيرة بصرف النظر عن كون اخطاء الزمالك تختفي مع الفوز الذي يحققه جرأة حسام حسن الخططية والتكتيكية وبراعة شيكابالا واذا كان الاهلي يفتقد الي رؤوس حربة رغم وجود فرانسيس واسامة حسني فان الزمالك يلعب برأس حربه القديم احمد جعفر ويفتقر الي البديل المناسب وبذلك عمليا يتساوي الفريقان في المعاناة مع وجوب الاشارة الي ان الفريقين في حقيقة الامر يعتمدان في الشق الهجومي علي من خلف رأس الحربة بركات وابوتريكة وجدو في الاهلي وشيكابالا وحسين ياسر في الزمالك اي ان رؤوس الحربة في الفريقين ليسوا هم الرهان الرئيسي وبذلك ليست هناك ميزة كبيرة لطرف علي آخر حتي نجعل من اصابة محمد فضل ازمة فنية غير عادية. وفي خط الوسط لا توجد افضلية حاسمة لاي من الفريقين وهو خط دائم التغيير والتعديل في الطرفين بما يجعلنا نتجنب الحكم عليها الان وانتظار انتاجهما اليوم وحتي لو افترضنا ان شيكابالا عنصر بارز يصنع الفارق في الزمالك فان محمد بركات له سوابق فعالة للغاية مع الاهلي في مباريات حرجة وهو قادر ايضا علي صنع الفارق. وما دامت الاسماء والحظوظ تسجل قدرا لا بأس به من التكافؤ اذن يبقي الفكر التدريبي والاداء الجماعي واللياقة البدنية واللياقة الذهنية وتنفيذ عناصر الاداء المتعارف عليها وابرزها الضغط علي الخصم لكي لا يستحوذ بسهولة ويختار الحلول بدون مضايقة والديناميكية في الحركة والربط بين الخطوط واللاعبين والتمركز والتركيز وادارة المباراة هذا فقط هو الذي يسجل الافضلية وهذا فقط هو الذي تحكم عليه اليوم وهذا هو العمل الحقيقي المعترف به الذي يقاس به فاعلية الفريق وكفاءة المدرب.. واعتقد انها اشياء غيبية لا ندري من هو الفريق الذي سيطبقها في القمة »106«.