مشغولاتها النحاسية غاية في الدقة والروعة والحرفية، ثقتها بنفسها جعلتها تحفر اسمها بحروف من نور، مني السجيني اسم معروف بمنطقة النحاسين بالجمالية، ملامح وجهها الخمري المصري تدل قسماته علي مشوارها الطويل الذي مشته، وجه يتألم ولا يتكلم، يبتسم ولكنه يخبئ وراءه حزنا شديدا. تروي مني انها تزوجت وهي طفلة صغيرة لم يتعد سنها 13 سنة، رزقت باربعة اطفال، وعاشت مع زوجها صاحب ورشة مشغولات نحاسية، وكبر اطفالها واصبحوا في عمر الزهور، ولكن الدنيا لا تبقي علي حال، وتغير مجري حياتها، اصيب زوجها بمرض عضال اقعده عن العمل، قررت بشهامة بنات البلد النزول للورشة لمتابعة العمال، حتي لا تغلق الورشة، وبيوت العمال المفتوحة منها، وقفت مني بين العمل وتربية ابنائها، نظرا لتعلمها اصول المهنة علي يد زوجها، ونجحت في عملها، ولكن قضاء الله وقدره غير مجري حياتها فقد توفي ابن لها ولحقه زوجها، بعد ايام معدودة لم تجف دموعها ثم لحقهما اخوها وهو خارج مصر بالمغرب. كانت دائما تتحصن بالقرآن حتي تستطيع التغلب علي الاحداث المؤلمة ومشاكل الحياة الصعبة خاصة انها امرأة، موضحة ان مهنة المشغولات النحاسية لم تعد صنعة مربحة، فهي شقاء وتعب، رغم انها اصبحت تملك خبرة كبيرة في هذا المجال، ومنتجاتها اصبحت مشهورة في المنطقة، فهي مورد جيد للمناطق السياحية، ولكنها تواجه مشاكل كثيرة اهمها انصراف العمالة المهرة من الورشة، والركود، رغم ان هذه المهنة تتطلب حرفية عالية لتحويل ألواح النحاس الي مشغولات دقيقة ومبهرة للزبون، ومنها مباخر واطقم ساعات وبراويز وتماثيل واطباق النحاس المزخرفة بالفضة وعلب مجوهرات، وبعض الاحجار الكريمة مثل العقيق، وبعض الزجاج الملون، ونجف مؤكدة علي بصماتها الماهرة في معظم الانتاج. وتشكو مني من غزو المنتجات النحاسية الصينية والهندية للسوق المصري بل ان هذه الدول تصدر لنا بعض المنتجات الفرعونية والاسلامية والتي يتميز بها المصريون. اكدت مني انها علمت اولادها المهنة جنبا الي جنب مع اتمام دراستهم الجامعية. وتحلم بانشاء مدرسة فنية لتعليم الصغار حرفة المشغولات النحاسية وتطالب مساعدة الحكومة لها في ذلك حفاظا علي هذه الصناعة من الاندثار.