نظرت إلي السماء وقلت، ماذا سيكون حالي الآن وأنا متوفاة وبين يدي الله، كيف سيكون الحساب، هل سأري مايحدث في الأرض ماذا تفعل لو قمت في الصباح وقرأت خبر وفاتك وتشييع جثمانك.. وتلقت أسرتك العديد من الاتصالات التليفونية.. هل ينتابك الهلع، أم ينتابك الضحك والابتسام.. أم ينتابك الصمت والتفكر في ملكوت الله.. صباح الأربعاء الماضي تلقيت الكثير من الاتصالات للسؤال عن صحتي بطريقةغير معتادة، أصدقاء وغير أصدقاء يطمئنون عليً في هذا الصباح الجميل، خير اللهم اجعله خير، لم أعر الأمر اهتماماً، حتي طلبني إبني السيناريست الشاب ضاحكاً.. وداعياً لي بالصحة، ثم قال، «يبدو أن هناك خطأ ما، خبر صحيح علي البوابة الإلكترونية لتشييع جنازة المنتجة نهاد رمزي، عنوان الخبر يشمل اسمك» ثم قال ضاحكاً «يبدو أن كاتب الخبر يُحبك فاسمك عالق في ذهنه». فهمت الآن سر الاتصالات التي تلقيتها، فتحت الموقع وقرأت عنوان الخبر «تشييع جثمان نهاد عرفة بحضور..» لم أكمل القراءة وانتابتني حالة من الضحك، ياااااه لقد قرأت خبر وفاتي وتشييع جثماني وأنا أحيا بكامل صحتي، أعقبتها حالة من الشرود والتفكر في ملكوت الله، نظرت إلي السماء وقلت، ماذا سيكون حالي الآن وأنا متوفاة وبين يدي الله، كيف سيكون الحساب، هل سأري مايحدث في الأرض، ثم انتابتني فكرة شيطانية، ماذا لو اختفيت، ماذا سيكتب عني أصدقائي، ماذا سيقول عني الناس، نحن الصحفيين لا أحد يكتُب عن شخوصنا إلا بعد مماتنا، اتصلت بزميلي الكاتب الصحفي خالد جبر رئيس تحرير الموقع الذي عالج الأمر سريعاً وكتب لي اعتذارا عن هذا الخطأ ذيل بالدعاء لي بوافر الصحة والحياة المديدة، شاكرة له فضله. أعادتني هذه الواقعة إلي أكثر من عشرين عاماً مضت حين تلقيت اتصالاً من أحد أصدقائي بدولة الإمارات يسألني عن صحة خبر وفاة الموسيقي الفنان الراحل عبدالملك الخميسي لعلمه بمدي معرفتي وصداقتي به، بالمناسبة هو نجل الشاعر الفنان الراحل عبد الرحمن الخميسي ووالد النجمة الشابة لقاء الخميسي، وكان قد قضي سنوات طويلة من عمره بدولة الإمارات ويعرفه هناك القاصي والداني، قلت لصديقي أعتقد أن الخبر ليس صحيحاً فقد كنت أتحادث مع الخميسي وأسرته منذ يومين، ولكن صديقي قال إن خبر وفاة الخميسي انتشر، انتابني الرعب وقلت له أمهلني عدة دقائق، اتصلت بالرائع الراحل عبد الملك الخميسي واستمرت المحادثة لربع الساعة لم أقل له شيئاً عن خبر وفاته، بعدها بسنوات قليلة رحل عنا، رحمة الله عليه، وخير اللهم اجعله خير. مصطفي حسين منذ كنت في المرحلة الإبتدائية في نهايات الستينيات، كنت أقتنص من مصروفي اليومي لشراء جريدة «الأخبار»، فقد كانت جريدة الجمهورية الناطقة باسم ثورة يوليو هي الجريدة المفضلة لكثير من الأسر المصرية وقتها، أذهب إلي المدرسة وفي حقيبتي جريدة «الأخبار» أقتنص فترة الفسحة لقراءة عمود فكرة لرائد الصحافة المصرية والعربية مصطفي أمين، وكاريكاتير الرائع مصطفي حسين، والمقال القصير للمبدع أحمد رجب أطال الله لنا في عمره، بعد التحاقي ب «الأخبار» في عام 1983، كان أول مافعلته أن أطرق أبواب هؤلاء العظام الراحلين: جلال الحمامصي، وجيه أبوذكري، أحمد الجندي، حسن شاه، إسماعيل يونس، عبد الفتاح البارودي وسمير عبد القادر- أمد الله في عمره- ابن الكاتب والأديب محمد زكي عبد القادر الذي أصررت علي مقابلته وكان وقتها مبتعداً عن الجريدة، وغيرهم من عمالقة ونجوم أخبار اليوم. أما الراحل مصطفي حسين فقد كان بالنسبة لي بعيد المنال، حيث د كان لايخرج كثيراً من مكتبه المنغلق عليه مع الرائع أحمد رجب، وحين طلب مني أحد الأصدقاء مقابلته ذهبت له وجدته مرحباً متواضعاً، هكذا كانوا كباراً عظاماً ولهذ ستظل سيرتهم إلي الأبد، رحم الله الرائع مصطفي حسين وأخلفنا عنه خيراً من تلامذته الذين امتلأت بهم الصحف المصرية والعربية.