وهذا نموذج من عشرات بل مئات النماذج التي لو أفردنا لها جرائد كاملة ما استوعبتها لإنها وللأسف تملأ مئات الصفحات في تاريخنا الأسطوري قرابة 2000 قتيل من بينهم علي الأقل 500 مقاتل من حماس و300 طفل وعشرة آلاف جريح وهدم الأنفاق وهدم البنية التحتية لغزة ومئات المنازل وقد صارت أكواما من تراب وآلاف من المهجرين وصراخ وعويل ومشاهد ينفطر لها القلب ويدمي منها الضمير والمقابل مقتل 64 جنديا وضابطا إسرائيليا وإصابة 400 معظمهم أصيب بواوة أو واوتين علي الجلد ومع كل ذلك فلقد انتصرت حماس وانتصرت ما أطلقوا عليها المقاومة وأثبتت جدارتها كخيار إستراتيجي كيف يصلون إلي هذه النتائج وعبر أي منطق ؟ أنصحك بألا تحير نفسك بالبحث الدءوب عن الإجابات فنحن أمة تعشق الشعارات وتتحدث بشبق لا محدود عن الأكاذيب الملفقات وترفع عناوينها عبر صفحات تلو صفحات لتخلدها في كتب التاريخ ليصبح هو الضمير المكذوب للأجيال اللاحقات، إننا بارعون في إنجاز هذه المهمة وتحويل الهزائم العاتية إلي انتصارات ولا مانع من أن ترافق الأحداث المكتوبة عبر الصفحات قصائد ومدونات تشرح للقارئين السذج والقارئات كيف هزمنا أعداءنا وكيف قدمنا التضحيات هل تعرف الأجيال مثلا أن خطبة طارق بن زياد الشهيرة (العدو أمامكم والبحر وراءكم) والتي درسناها جيلا وراء جيل لا وجود لها وأنها ملفقة ومؤلفة حتي أن المؤرخين يؤكدون أن الرجل أصلا لم يعرف اللغة العربية طيلة حياته وأن الرواية الغبية التي تقول بإنه قد حرق مراكبه كي لا يفكر المقاتلون بالعودة من خلالها رواية لا تليق إلا بقاريء مغفل أو مهووس يعشق اللامنطق ويغذي ضميره المزعوم بأوهامه الخالدة وأنها بالطبع رواية ملفقة لا أساس لها ولا وجود وهذا نموذج من عشرات بل مئات النماذج التي لو أفردنا لها جرائد كاملة ما استوعبتها لإنها وللأسف تملأ مئات الصفحات في تاريخنا الأسطوري، نحن نحتاج إلي أجيال جديدة لديها عقول حاضرة فاعلة ومنطق يسأل التلميذ أستاذه: كيف ياأستاذ التاريخ يحرق القائد مراكبه أليس هذا جنونا؟ ألن يحتاج هذه المراكب فيما بعد حتي في حال الإنتصار؟ أليس ذلك القرار وهذا الإجراء يعد تصرفا تخريبيا لجيشه هو؟ إن هذا التلميذ من شأنه بعد ذلك أن يسأل القادة كثيرا وطويلا وعميقا وأن يحاكم مثلا قادة حماس قائلا لهم:. قدمت مصر مبادرتها في الأيام الأولي من العدوان الإسرائيلي الغاشم علي أهلنا في غزة لكنكم رفضتم المبادرة والسبب الغريب المريب في الرفض أنه لم يتم التشاور بها مع الفصائل وعلي رأسها حماس، ذلك رغم أن مصر شاورت بها القيادة الفلسطينية ممثلة في رئيس فلسطين (أبو مازن)، ورغم أن المبادرة مطابقة لما سبق وقدمه الرئيس مرسي في الحال المشابهة عام 2012 ورغم أنه في هذا الحين وافقت حماس مباشرة عليها، رغم كل ذلك وبغرور وصلف واستهتار بالدم الفلسطيني رفضتم المبادرة في التوقيت الأول حين كان عدد القتلي والمصابين لا يتجاوز 200، وإمعانا في بيع الدم الفلسطيني بمقابل بخس لصالح أطراف سياسية ظللتم ترفضون وتطلقون صواريخ لا تصيب شيئا يذكر من مقومات العدو القتالية بينما إسرائيل الكارهة للبراعم المسلمة تميت مئات الأطفال وتقتل عشرات الأسر وتحقق أهدافها الإستراتيجية بهدم الأنفاق، والآن بعد مرور قرابة الشهر تجلس أطراف من حماس ضمن الوفد الفلسطيني للموافقة علي الهدنة والمفاوضات وأين تجلس؟ في القاهرة ألم تكن تعلم يقينا أنه بالحكم الديكتاتوري النافذ للجغرافيا والتاريخ لا يمكن لإي اتفاق بشأن غزة أن يتم إلا في القاهرة، أفاقوا ربما ولكن بعد وقت طويل وبثمن باهظ وهكذا دائماكان قادة فلسطين لعلهم فهموا الآن جيدا أن الدويلات الصغيرة والدول البعيدة والجماعات المزيفة ليس من شأنها ولا قدرتها أن تصنع شيئا حقيقيا لا في ميادين القتال ولا علي موائد المعارك السياسية إن قناة الجزيرة يا سادة تكتب علي شاشتها الآن عنوانا مستمرا هو ( غزة تنتصر ) من شأنه بالطبع أن ينضم إلي عناويننا الأسطورية المخادعة لنا والمخدرة لعقولنا والمشوهة لضمائرنا عبر تاريخنا الظالم المظلوم