اصبح مع غيره من مؤهلات عليا اخري، لا لزوم لها الي درجة انها لم تعد تصلح حتي لوضعها في برواز وتعليقها علي حائط في غرفة الصالون علي المدخل المؤدي الي مكتب رئيس مجلس ادارة احدي شركات قطاع الاعمال العام لافتة تقول لا توجد وظائف لحاملي بكالوريوس الحاسب الالي من ابناء العاملين أو غيرهم. والوظائف الشاغرة فقط فنية ويخضع صاحبها للاختيبار قبل الحاقه بواحدة منها. سألت رئيس مجلس الادارة، كيف ترفضون هذه النوعية من الخريجين والكمبيوتر هو لغة العصر.. قال لي هل تتخيل ان 90٪ بالمائة من الطلبات التي يقدمها العاملون لالحاق ابنائهم بالشركة ومعظمهم وأغلبهن من الحاصلين والحاصلات علي بكالوريوس نظم المعلومات أو الحاسب الالي في الوقت الذي وصلت فيه الشركة الي حد التخمة بعد ان امتلأت اداراتها بامثال هؤلاء ولم تعد في حاجة الي آخرين. كان هذا الحوار بمثابة الشرارة التي انطلق منها عنوانها هذا المقال حيث تذكرت الحكاية القديمة التي يتداولها البعض سواء كانوا مزارعين أو تجارا عن الطماطم ايام ما كانت مجنونة، في موسم ما حقق زراعها موارد مالية ضخمة من بيع محصولهم وبالطبع حقق التجار مكاسب مضاعفة، وفي الموسم التالي لجأ معظم الفلاحين لزراعة الطماطم وكانت النتيجة خسارة فادحة للطرفين المنتجين والتجار لدرجة ان البعض تركها في الارض دون جنيها لان تكلفة الجني والنقل الي الاسواق تكبده مصاريف اضافية لمصروفات الزراعة والمقابل اقل منها بكثير. هذا ما حدث بالضبط في أسواق الحاسب الالي اذا صح التشبيه بسوق الطماطم. معاهد خاصة أنشئت بلا ضابط ولا رابط ولم يفكر الذين منحوها الترخيص فيما ستضيفه لمنظومة التعليم وسوق العمل في مصر.. كل الذي فكروا فيه ان تستقطب هؤلاء اصحاب المجاميع اللي علي قدها وليس لهم امل في الالتحاق بالكليات والمعاهد الحكومية لنيل البكالوريوس أو الليسانس، رسوم الدراسة في هذه المعاهد مقدور عليها والاقسام النظرية التي انشأتها تقدم كلها بكالوريوس في الحاسب الالي مع اختلاف المسمي والقسم الذي يلتحق به الطالب. والنتيجة عشرات الآلاف ان لم يكن مئات الآلاف من ابنائنا وبناتنا يحملون بكالوريوس الحاسب الالي الذي اصبح مع غيره من مؤهلات عليا اخري منها هندسة الاتصالات أيضا لا لزوم لها الي درجة انها لم تعد تصلح حتي لوضعها في برواز وتعليقها علي حائط في غرفة الصالون. نأتي الي وجه آخر لقضية منظومة التعليم وهي مشاكل الباعة الجائلين والتي أري انها احدي نتائج هذه المنظومة التي لم نتعامل معها وعلي مدي اكثر من اربعة عقود بألف باء التخطيط والاستراتيجية الشاملة وهي ربط هذه المنظومة بسوق العمل واحتياجات المجتمع. تصنيف الباعة الجائلين يقودنا الي شباب تسرب من التعليم وهو في المرحلة الاساسية واخرون حصلوا علي دبلومات متوسطة سواء تجارة أو زراعة أو دبلومات فنية وغير مؤهلين ايضا لسوق العمل بمؤهلاتهم هذه. لم يرتبط تعليمهم بالتدريب العملي والفعلي في المصانع التي كان مستهدفا ان يلتحقوا بالعمل فيها بعد تخرجهم ثم تأتي مجموعة ثالثة من الباعة الجائلين وهم حملة المؤهلات العليا من بكالوريوس وليسانس في تخصصات لم تعد مرغوبة والمطلوب تأهيل صاحبها من جديد وهو التأهيل الذي اصبح اشبه بالمستحيل سواء من طرف صاحب المؤهل الذي يتصور ان مؤهله لا يسمح له بالتدريب علي يد اسطي فني في مجالات مثل العمارة أو ميكانيكا السيارات أو غيرها. وايضا الطرف الآخر وهو الدولة ليس لديها برامج كافية واضحة لتنفيذ هذا التأهيل التحويلي اللهم الا بعض محاولات مصانع للقطاع الخاص لكنها لا تسمن أو تغني من جوع. واذا اضفنا الي كل ذلك الميراث المصري في سلوك هؤلاء الشباب وهو تفضيله عمل الباعة الجائلين علي ان يلتحق بمصنع في مدينة مثل العاشر من رمضان او اكتوبر متصورا انه سيضع نفسه تحت رحمة صاحب المصنع ومواعيد الحضور والانصراف علي عكس بيع المنتجات الصينية في شارع وكل شيء بجنيه، فهو ملك نفسه يعمل يوم ان يريد وينام في البيت طبقا لمزاجه وهواه طالما يملك مصروف نفس اليوم. وبالمناسبة هم لاباعة جائلون ولا يحزنون فالبائع الجائل زمان كان يتجول بعربته الخشبية في الحواري والازقة بالاحياء الشعبية وعلي استحياء في غيرها ولا يشعر احد بتعطيله المرور أو اشغاله للطريق. لكنهم باعة ثابتون ومن يحصل منهم علي مكان مميز في شارع اكثر تميزا ربما عليه ان يدفع الاتاوة سواء للبلطجي أو لغيره ممن يملكون تحرير محضر اشغال طريق. المشكلة معقدة واشبه بخيوط البكرة التي تشابكت واصبح مطلوبا من صاحبها الجلد والتركيز لفك هذا الاشتباك والاستفادة بالبكرة الضخمة التي كلفته الكثير لشراءها بعد أن خرجت من المصنع سليمة، وقبل ان تتلفها يداه وربما بسبب خطأ منه تشابكت خيوطها وعليه اصلاح ما أفسد. ولكن كيف يكون الاصلاح الاجابة ان الفرصة الذهبية مع مشروع قناة السويس الجديدة سواء امام الشباب أو الحكومة والتفاصيل في مقال الاسبوع القادم بمشيئة الله.