آخر يوم.. فرص عمل جديدة في الأردن برواتب تصل إلى 33 ألف جنيه    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    نشر أخبار كاذبة عن الانتخابات يعرضك لغرامة 200 ألف جنيه    4 مليارات جنيه.. بدء صرف «تكافل وكرامة» عن شهر نوفمبر    سعر طن الأسمنت اليوم السبت 15نوفمبر 2025 في المنيا بسوق مواد البناء    الري: الاعتماد على البصمة المائية لتحديد المحاصيل التي يتم زراعتها بالمياه المعالجة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    تركيب إنترلوك بأحياء مدينة باريس فى الوادى الجديد بتكلفة 13,5 مليون جنيه    اللجنة المصرية بغزة: استجابة فورية لدعم مخيمات النزوح مع دخول الشتاء    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لشبيبة القبائل بدوري الأبطال    أجواء خريفية ورياح نشطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس الساعات المقبلة    إخماد حريق محل عطارة امتد لعدد من الشقق ببولاق الدكرور.. صور    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لقرية أم خنان بالحوامدية    محافظ دمياط يُهنئ «الصحة» لحصول المستشفى العام على الاعتماد الدولي من الجمعية البريطانية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل ثلاثة فلسطينيين ويداهم عدة منازل بنابلس    انتخابات النواب، تفاصيل مؤتمر جماهيري لدعم القائمة الوطنية بقطاع شرق الدلتا    تواجد أمني بمحيط محكمة إيتاي البارود تزامنًا مع محاكمة المتهم بالتعدي على تلميذ دمنهور    نانسي عجرم: أنا مدرسة قديمة مع بناتي في التربية وأحب الأصول.. وحياء البنت من الأنوثة    مصطفى كامل يكشف تطورات الحالة الصحية للفنان أحمد سعد    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    هشام حنفي: محمد صبري عاشق للزمالك وعشرة 40 عاما    مواعيد مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الصحة يستقبل وفد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية    إلى جانب القلب والسكري، دراسة حديثة تحذر من مرض قاتل بسبب السمنة    محاكمة خادمة بتهمة سرقة مخدومتها بالنزهة.. اليوم    الرئيس الأمريكي: الولايات المتحدة ستجرى تجارب نووية قريبًا جدًا    رفع أسعار كروت شحن المحمول| شعبة الاتصالات تكشف "حقيقة أم شائعة"    مواجهات مرتقبة ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026    ضبط المتهم بصفع مهندس بالمعاش والتسبب في مصرعه بالهرم    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 15 نوفمبر 2025    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة حلوان حول دور الرياضة في تعزيز الأمن القومي المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    ترامب يعلن نيته اتخاذ إجراء قضائي ضد "بي بي سي" ويعلق على الرسوم الجمركية    استقرار سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري خلال تعاملات السبت 15 نوفمبر 2025    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    سيارة طائشة تدهس 3 طلاب أعلى طريق المقطم    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    نانسي عجرم عن ماجد الكدواني: بيضحكنى ويبكينى فى نفس الوقت    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل جامعية.. للبيع!
الماجستير ب25ألف جنيه.. الدكتوراه ب50 ألف.. والاستلام بعد 5أشهر طلاب دول الخليج أكثر «الزبائن» ويعرضون آلاف الدولارات مقابل الرسالة الواحدة سوق تجارية مجاورة للجامعات لراغبي الحصول علي لقب «دكتور» د. حسن عماد : جامعة القاهرة قدمت
نشر في الأخبار يوم 13 - 07 - 2014

قديماً كان «العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها» أما الان «فالعلم يهدم بيت العز والشرف»... قديماً كان طالب العلم يتميز بالسعي وراء العلم بكل جد واجتهاد وعلي استعداد أن يبذل في سبيله الغالي والنفيس وله في ذلك أهداف كثيرة، أما الآن فبنظرة سريعة لحال ما وصلنا إليه نجد أن هناك العديد من مظاهر العلم قد تغيرت، ففي الاعوام الاخيرة باتت ظاهرة موجودة ناتجة عن ازمة اخلاقية اخري كغيرها من أزمات تدني الاخلاق، وهي ظاهرة «شراء الرسائل الجامعية سواء ماجستير او الدكتوراه» من اجل حصول راغبيها علي درجة علمية اعلي دون ان يضع في اعتباره بانها مقابل تدن في درجات اخلاقه وضميره وانسانيته اضافة الي نيله حقا ليس حقه، وهذه الظاهرة تقتصر علي الدراسات العليا ما بعد الدراسة الجامعية، ليصبح من يقدر علي تقديم المقابل المادي او المعنوي بكل أنواعه الأخلاقية واللاأخلاقية يستطيع ان يحمل لقبا جامعيا حاصلا علي الدكتوراه، المثير انه اصبح لهذه الظاهرة التي شوهت العلم «سوق تجارية» واصبحت شوارعها مفتوحة علي الجامعات المصرية كجامعة القاهرة وعيد شمس وحلوان، فالمكتبات التي كانت مقتصرة علي طبع وتصوير ابحاث الطلاب ومناهجهم اصبحت «الاستاذ» او « المشرف» الذي يصنع الرسالة للباحث مقابل الاف الجنيهات ليربح منها لفظ «دكتور» ، «الأخبار» اخترقت كواليس هذه الظاهرة «كباحث» للتعرف علي تفاصيل هذا العالم وقيمة الارباح الطائلة من هذا النشاط، والبحث عن حلول جذرية واقتراحات إدراية بالجامعات للقضاء عليها واعطاء كل ذي حق حقه.
لاجراء هذا التحقيق الاستقصائي وضعنا عدة محاور لنسير عليها، الاول هو رصد ومعرفة الاماكن والمكتبات التي تقوم ببيع رسائل الماجستير والدكتوراه ،والثاني هو معرفة ورصد اراء ومقترحات عمداء واساتذة الجامعات حول كيفية كشف مثل هذه الرسائل قبل الموافقة علي مناقشتها في الجامعات وهل هناك حلول للقضاء علي هذه الظاهرة ؟ وهل توجد اجراءات عقوبية نحو ذلك؟، والمحور الثالث يدور حول مناقشة الطلاب والباحثين بالدراسات العليا والتعرف علي وجهة نظرهم تجاه هذه الظاهرة واسباب تفشيها وماهي الدوافع التي تجعل الباحث يقوم بهذا الجرم؟.
كان لي قبل اي شيء هو لمس هذه الظاهرة علي ارض الواقع وخوض تجربة حقيقية عن طريق حجة بأني باحث وارغب في التسجيل بكلية الاعلام جامعة القاهرة للحصول علي درجة الماجستير، وهذا لم يكن صعبا بالنسبة لي، حيث قمت بالفعل بتقديم فكرة بحثية حول «العوامل المؤثرة علي قارئية الصحف المصرية اليومية» بقسم الصحافة بالكلية تحت اشراف استاذ جامعي بالكلية الذي وافق علي قيامي باجراء البحث وعليه توقيعه، وبالفعل قدمت الفكرة البحثية الي مجلس الكلية وحصلت علي الموافقة بتنفيذها والعمل عليها علي ان اتبع بعد ذلك الخطوات التالية، وهي اعداد الخطة البحثية «proposal» وهي تتضمن عرضا للدراسات السابقة عن كل ما يتعلق من بعيد او قريب بالفكرة البحثية التي تقدمت بها بالاضافة إلي عرض الاقتراحات حول الاطر المنهجية والنظرية التي سأبني عليها البحث -، وبعد ان اعددت الخطة البحثية المكونة من 40 صفحة تقريبا كانت الخطوة التالية وهي النزول علي منطقة بين السرايات وبولاق الدكرور المجاورة لمبني جامعة القاهرة (حيث من المعروف ان هذه المناطق مليئة بمئات المكتبات المخصصة بتصوير وطبع ملازم ومناهج الطلبة )، توجهت الي منطقة بين السرايات ابحث داخل اروقتها وحواريها عن المكتبات التي تقوم باعداد رسائل الماجستير والدكتوراه.
رحلة بحث
كانت الصدمة حين كنت اسأل اي من العاملين بتلك المكتبات -حاملا الفكرة البحثية التي قمت بإعدادها - عن الاماكن التي تقوم باعداد رسائل الماجستير والدكتوراة ،لأكتشف ان من بين كل 3 مكتبات تقريبا مكتبة تقوم باعداد تلك الرسائل من الالف للياء وعلي مرأي ومسمع من الجميع، فلا يوجد طالب بجامعة القاهرة الا ويعرف بذلك ليس هذا فقط وانما اصبح علي مرأي ومسمع رؤساء وأساتذة الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،ولكن ماذا يفعلون ؟ كان هذا هو الرد الذي يسبق السؤال، ففي الحقيقة رحلة بحثي عن مكتبة تقوم بذلك لم تكن بالصعوبة التي كنت اتخيلها، قصدت احدي المكتبات وكانت عبارة عن شقة صغيرة تقع بالطابق الارضي بعقار قديم بأحد الازقة الضيقة بمنطقة بين السرايات، دخلت الي الشقة التي تختصر في غرفتين فقط بالاضافة الي حمام صغير، داخل كل غرفة جهاز كمبيوتر وماكينة طباعة كبيرة الحجم بالاضافة الي عشرات الرزم من اوراق الطباعة متراصة بأحد اركان الغرفة ،واثناء دخولي استقبلني شاب نحيف في الثلاثين من العمر مرتديا نظارة، علي ما يبدو انه صاحب هذا المكان بادر بقوله :
صاحب المكتبة: تحت امرك؟
الاخبار: انا بعمل رسالة ماجستير، وقدمت فكرة بحثية لمجلس الكلية ووافق عليها، وكمان عملت الخطة البحثية « proposal»، فاضلي بس انها تدخل « السيمنار» (والسيمنار عبارة عن مناقشة مصغرة كمناقشة رسالة الماجستير او الدكتوراه،حيث تقوم كلية الاعلام بعقد اجتماع مرة كل شهر يشارك فيه الاساتذة بالكلية لمناقشة الخطط البحثية المقدمة في حضور الباحثين واجراء التعديلات اللازمة عليها لحصول الباحث علي الموافقة بتسجيل الفكرة بالكلية لينطلق بعد ذلك بالعمل في الرسالة بشكل اشمل وانهاء الجزء العملي فيها)، وادعيت له انني كنت انوي العمل علي انهاء الرسالة بنفسي ولكن جاءتني فرصة للعمل بالخارج لعدة سنوات وانه عليّ الاستعداد للسفر خلال هذا الصيف، الامر الذي سيعوقني في استكمالها خلال الفترة المحددة وهي اربع سنوات،لذلك ارغب في ان تقوم بالعمل في الرسالة بدلا مني ؟
صاحب المكتبة : هي الفكرة في مجال ايه ؟
الاخبار: في مجال الاعلام- وقدمتها له - .
صاحب المكتبة :في الحقيقة انا مش بتشغل في الرسايل، احنا بنتعامل مع دكتورة هي اللي بتعمل الرسايل وهي مش موجودة دلوقتي .
فصل ولا جزء
الاخبار: طب ممكن اعرف الاسعار ايه بالضبط؟
صاحب المكتبة : والله الرسالة الواحدة بتتعمل من 15 الي 25 الف جنيه، والسعر بيتوقف علي حسب شغلنا احنا في الرسالة، يعني ممكن لو عايز نعملك فصل واحد زي مثلا فصل عن الاطار النظري بيكلف 5 الاف جنيه، ولو عايز نشتغلك الجزء العملي في الرسالة بردو له سعر ولو عايز نعملهالك من الالف للياء يبقي زي ما قولتلك .
الاخبار: تمام، طب ممكن نكلم الدكتورة اللي هتعمل الرسالة، جايز يكون ليها رأي تاني في السعر ده ،خصوصا ان الرسالة مش محتاجة شغل كتير، هو بس الجزء العملي والاحصائيات، وبالنسبة للدراسات السابقة فأنا عملتها .
(وبعد انهاء حديثي ،اخرج الشاب هاتفه المحمول واجري اتصالا بالدكتورة، واخبرها بما اريد، ثم لاحظت ايماءات وجهه يشير الي الخجل دون ان اعرف السبب، ثم اعطاني الهاتف لاتحدث معها )
الاخبار: الو، ازيك يا دكتورة - ثم قمت بشرح ظروفي لها- .
الدكتورة : هي الفكرة عن ايه ؟
مافيش مشاكل
الاخبار: عن «العوامل المؤثرة علي قارئية الصحف المصرية اليومية».
الدكتورة : تمام ،مفيش مشاكل، حضرتك اتفق مع الاستاذ ط وتحت امرك، وتم انهاء المكالمة .
صاحب المكتبة : الدكتورة بتقول انها هتعمل الرسالة ب15 الف جنيه.
الاخبار : خلاص تمام، انا بس ادخل بالفكرة البحثية السيمنار اللي جاي في الكلية وبعد ما يتوافق عليها ان شاء الله هااجي ونتفق هنعمل ايه.
صاحب المكتبة: مفيش مشاكل(غادرت المكان ابحث عن مكتبة اخري بالمنطقة، فهي لم تكن بعيده عن الاولي، فمن كثرتها في المكان متراصة بجوار بعضها البعض، تجد ان هناك صعوبة في تحديد مداخل المنازل التي بها، دخلت الي المكتبة، يعمل بها حوالي 5 شباب، قصدت احدهم لأسئلة ما اذا كانت المكتبة تقوم باعداد الرسائل، وكان معه هذا الحديث:
الاخبار: كنت عايز اعمل رسالة ماجستير.
الشاب : تحت امرك، كتابة ولا تغليف ؟
الاخبار: لا، عايز حد يشتغل فيها، ثم شرحت له نفس الظروف التي ادعيت بها لصاحب المكتبة الاولي .
الشاب: اه، موجود، ثم نادي علي زميل له يدعي م.ع كان داخل غرفة اخري ،وكان هو من يقوم بإعداد الرسائل .
(في لحظات حضر هذا الزميل، ملامحه تدل علي انه ليس من ابناء القاهرة ،وصافحني)
الاخبار: انا عملت فكرة بحثية وفاضل بس اني ادخل بيها السيمنار الشهر اللي جاي، وللاسف مش هقدر اكمل فيها علشان ظروف سفري، وعايزك تشتغل فيها .
م.ع : هي عن ايه الفكرة ؟
(قدمت له نسخة ورقية من الفكرة البحثية )
م.ع: هو حضرتك عايزني اشتغل فيها كلها بالجزء العملي ؟
الاخبار: ايوه
م.ع: مفيش مشاكل، بس علي فكرة لازم تتابع معايا حتي لو سافرت بره، يعني مثلا انا كل ما اخلص فصل، هبعتهولك علي الايميل علشان تقرأه ولو عايز تعديل فيه ولا حاجة، ولما يخلص تبعتلي حد يأخده علشان الدكتور المشرف بتاعك يشوفه بحيث لو فيه تعديل ولا حاجة،اصل مينفعش اشتغل انا من نفسي كده علي الرسالة كلها من غير ما انت تراجعها .
الاخبار: مفيش مشاكل، ماهو اكيد انا بردو هتابع معاك، بس قولي انت خريج ايه ؟
م.ع: خريج دار علوم قسم لغة عربية، علشان كده انا بقولك تتابع معايا علشان انا مش متخصص في الاعلام .
الاخبار : تمام كده، قولي بقي السعر ايه؟
م.ع: بص وعلشان هيبقي ده اخر كلام، انا هأأخد 10 الاف جنيه.
الاخبار: اتفقنا .
بعد الاتفاق علي سعر الرسالة ، لم اغادر المكان وظللت اتحدث معهم -علي سبيل الدردشة - حول هذا الموضوع، وانني لم اكن ارغب اطلاقا في فعل مثل هذا الجرم ولكن ظروفي هي من وضعتني في هذا الموقف، ثم اخذت في سؤال هذين الشابين عن مدي اقبال الباحثين والطلاب علي فعل هذا ، ادعي لي الشاب الاول انهم لا يقومون باعداد الرسائل كلمة من الالف للياء وانما هم فقط يساعدون الباحثين في عملهم رغم انني اتفقت معهم قبل دقائق علي اعداد رسالتي بالكامل -، واضاف ان اكثر الزبائن الذين يتعاملون معهم هم طلاب الخليج، فالطلاب الوافدون وجميعهم من دول الخليج العربي لا يرغبون في بذل اي جهد، فيتفقون معنا علي اعدادها مقابل الاف الدولارات، ويأتي بعد عدة اشهر وتقريبا في غضون خمسة اشهر يأتي ليستلم الرسالة كاملة وعليه ان يقوم بقراءتها فقط قبل المناقشة ليكون ملما بجوانبها ،فسألته وماذا عن المصريين ؟ قال « فيه طلبة اساسا مش بيعرفوا الخطوات الاولية في كيفية اعداد الرسالة، فيأتون لكي نساعدهم في عمل فصول معينة، وكل فصل نقوم باعداده مقابل مبلغ مادي معين، ويتوفق سعره بناء علي الجهد المبذول فيه، حيث لا يقل سعر اي فصل يتم اعداده عن 5 الاف ثم الي اعلي، واذا قمنا بعمل الرسالة كاملة من الألف للياء فيترواح السعر من 10 الي 25 الف جنيه بالنسبة لرسالة الماجستير، اما الدكتوراه فيتراوح السعر من 25 الي 50 الف جنيه، مع العمل ان اغلب الباحثين الذين يأتون الينا من خريجي الكليات النظرية وبالنسبة لخريجي الكليات العملية فهم قلة قليلة ،فنحن من نتردد علي المكتبات الجامعية ونجري الابحاث ونستطلع الدراسات السابقة من الماجستير والدكتوراه، وفي بعض الاحيان اذا لم يكن الطالب العربي موجودا في مصر، نتقابل بدلا منه مع استاذه المشرف علي رسالته ونعرضها عليه ليضع التعديلات»، ثم تركني للحظات ليعود بعدد من الرسائل البحثية التي يقوم باعدادها بالفعل، لاكتشف مثلا عن وجود رسالة لضابط شرطة تتحدث عن «الصورة الذهنية لجهاز الشرطة لدي الشعب المصري» وعند سؤالي عن صاحب هذه الرسالة، قال انه طلب منه اعدادها بدلا منه مقابل 10 الاف جنيه، اضافة الي رسالة اخري خاصة لباحث بقسم علم النفس بكلية الاداب جامعة القاهرة .
غير موجود
غادرت المكتبة وتوجهت الي اخري في شارع مجاور لها، سألت صاحبتها هل تقومون باعداد الرسائل ؟، فقالت نعم ولكن الدكتور ليس موجودا الان ،واستكملت حديثها « ممكن تعدي علينا الساعة 4 العصر هيكون موجود»، فسألتها عن هوية هؤلاء الدكاترة الذين يتعاملون معهم في اعداد الرسائل للباحثين، قالت منهم من هو معين «كمعيد في الكلية او استاذ مساعد ويقوم بعمل الرسائل للباحثين بمقابل مادي، ومنهم شباب تخرج ولم يعمل ويتخذ هذا الموضوع كمهنة له خاصة انه يجلب لهم مبالغ طائلة تصل الي الاف الجنيهات ويكون لصاحب المكتبة نسبة منها «كعمولة».
مواقع الكترونية
لم تكن هذه المناطق هي الطريق الوحيد لانتشار هذه الظاهرة، بل هناك عدة وسائل وسبل اخري يمكن للباحثين عن ذلك ،ومنها مواقع الكترونية خاصة بذلك وايضا صفحات متخصصة علي موقع « الفيس بوك»، منها موقع باسم «الباحث» وكان لي تجربة معه، حيث قمت بالاتصال به عن طريق رقم هاتف موضوع به، لاكتشف ان صاحبه سيدة يعاونها عدد من الاساتذه والباحثين في مجالات وعلوم مختلفة كاعلام وسياسة واقتصاد وفلسفة وعلم نفس، وعندما طلبت من السيدة عن طلبي ،سألتني عن عنوان البحث، فقلت لها، واخبرتني ان الدكتورة المتخصصة في مجال الاعلام موجودة،لاتحدث معها وعندما علمت بعنوان البحث، قالت انه لا يمكنها اعداد الرسالة كاملة لان ذلك «حرام» وتضليل» وانما بامكانها مساعدتي في اعداد الرسائل، فسألتها كيف؟ فقالت « يعني انا ممكن اعملك الفصل المطلوب وانت تقرأه وتشوف لو انت عايز او الدكتور المشرف بتاعك تضيفوا فيه حاجة، وعن الجزء العملي في الرسالة، قالت انه بامكانها ايضا عمل هذا الجزء ولكن ايضا يجب ان اعيد قراءته حينما تنتهي هي من اعداده ،فسألتها لما حين تعملين علي انهاء هذه الاجزاء من الرسالة فانتي بالتالي من اعددت الرسالة كاملة ؟ فردت قائلة : ايوة بس انت بتقرأها بنفسك بعد كده، وكان هذا اغرب تفسير شُرح لي.
أوكار تزوير
وللوقوف علي حلول جذرية للقضاء علي تلك الظاهرة، التقت «الاخبار» عددا من عمداء واعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية ، في البداية اكد الدكتور حسن عماد مكاوي عميد كلية الاعلام جامعة القاهرة ، انهم كأساتذة جامعيين يعرفون ويسمعون ان منطقة بين السرايات المجاورة لجامعة القاهرة ومناطق اخري قريبة من جامعات اخري عبارة عن اوكار يتم فيها تزوير الكتب والمذكرات كما تقوم بوضع اجابات لأسئلة الامتحانات المتكررة ،وطباعة بعض اعمال الاساتذة دون استئذانهم او موافقتهم، وهي كلها اعمال غير مشروعة، ونحن في كلية الاعلام قدمنا الكثير من الشكاوي لادارة الجامعة التي قامت بدورها بابلاغ الجهات المسئولة المتمثلة في جهاز الشرطة لعمل حملات امنية، وانه للاسف ان هناك بعض معاونين ومساعدين واعضاء هيئة التدريس يشاركون في هذه الجريمة ويضعون «تسعيرة» للرسائل الماجستير مابين 10 الي 25 الف جنيه واخري لرسائل للدكتوراه تصل الي مبلغ 50 الف جنيه.
فيما اكدت الدكتورة سهير عبد السلام عميد كلية الاداب جامعة حلوان، انه في حالة ثبوت ادلة علي الاستاذ الجامعي الذي يقوم باعداد الرسالة للباحثين بمقابل مادي، او الباحث الذي لم يبذل جهده الخاص في رسالته واعتمد علي اخرين قاموا باعدادها مقابل مادي يتم تحويلهم علي الفور علي مجلس تأديب وقد تصل عقوبته للفصل نهائيا من الجامعة، والحال نفسه بالنسبة للباحثين الخارجين غير المعينين في الجامعة، نعتبر ذلك حالة غش ويتم تحويلهم ايضا الي مجلس تأديب وبالطبع يتم إلغاء الرسالة، فاذا كان الباحث الذي حصل علي رسالة ماجستير او دكتوراه بالتزوير والتحريف وسرقة حقوق الملكية الفكرية فانه لن يستطيع ممارسة حياتة العملية علي الاطلاق لانه سيكون جاهلا وغير فاهم او غير مدرك، فكيف يستطيع العمل في مجال العلم وهو في الاصل لم يفهم رسالته، واشارت الدكتورة سهير عبد السلام إلي ان مثل هذه الحالات منتشرة بكثرة بين الطلاب الوافدين خاصة من دول الخليج العربي،حيث يقومون بشراء الرسائل بمقابل مادي كبير وبالتأكيد ان هذا الامر يتم في الخفاء وليس العلن .
اما الدكتورة هبة صالح استاذ الاعلام جامعة حلوان فقالت: «لا استطيع تقبل فكرة سطو افكار الآخرين ونسبتها الي شخص من المفترض انه يقدم رسالة للعلم والانسانية ووضع علي عاتقه حمل أمانة البحث العلمي والعمل علي توضيح الحق من الباطل للناس فكيف لاهل العلم ان يصبحوا أهل باطل وهم الذين قال فيهم نبينا الكريم «ان العلماء هم ورثة الأنبياء» فالانبياء لم يورثوا مالا او عقارا انما تركوا علما ورثه العلماء، ذلك العلم الذي رفعهم الله به وفضلهم به عن اخرين، فأما تكون قادرا علي اتمام مهامك العلمية بكل امانة او ان تترك الامر لمن يستحق وله القدرة علي تحمل مسؤلية البحث العلمي .
الباحثون
كما رصدت « الأخبار» آراء عدد من الباحثين والمعيدين ومعاونيين هيئة التدريس الذين مازالوا يقومون باعداد رسائل الماجستير والدكتوراه، حيث انتقد علي سالم معيد بقسم علم النفس بكلية الاداب جامعة حلوان هذه الظاهرة ، واصفا الباحث الذي يقوم بشراء رسالته بانه انسان اعتمادي بصورة مبالغ فيها وبالتالي لافائدة منه.
فيما عبرت نورهان زيد امين مدرس مساعد بكلية الاداب جامعة حلوان هذا التصرف ،وتسائلت : ماهو الهدف من البحث العلمي اذا كان هكذا؟ وكيف نصل الي التطور العلمي باعتماد الباحثين علي هذه الطريقة ؟ واين هي الامانة العلمية التي هي اساس اخلاق الباحث.
ومن جانبه اكدت سارة عزت مدرس مساعد بجامعة حلوان ان هذه الظاهرة مشكلة كبيرة بدأت في الانتشار بشكل مخيف، وقالت سارة انها قابلت بالفعل باحثين يحملون درجات الماجستير ودكتوراه وللاسف مثلهم مثل اقل شخص يحمل لايفهم وذو عقل فارغ،
وردا علي الاتهام بقصور الجهات المسئولة بالدولة في التصدي لمثل هذه الظاهرة، كان لنا لقاء مع اللواء خالد شفيق وكيل الادارة العامة لمباحث المصنفات الفنية وحماية حقوق الملكية التابعة لوزارة الداخلية وهي الجهة المنوط بها هذا الدور ،، في البداية اكد اللواء شفيق : ان الادارة تقوم بحملات مكثفة ومقننة بأذونات من النيابة العامة علي المكتبات الموجودة بمنطقة بين السرايات وغيرها من المكتبات المتاخمة ببعض الجامعات كجامعة القاهرة ،وعين شمس ،والازهر، بالاضافة الي الجامعات الخاصة لضبط « القراصنة او عمليات القرصنة علي حق المؤلف» وحررت لاصحابها الاف من قضايا سرقة الحقوق الملكية الفكرية للمراجع والكتب الخاصة لاعضاء هيئات التدريس ،واضاف ان هذه الحملات تعود علي مصر «بالمنفعة»، بمعني انه في حالة تفشي نسبة القرصنة - ويقصد انتشار ظاهرة سرقة حقوق الملكية الفكرية- فسوف تخضع مصر لعقوبات دولية، حيث ان كل عام يصدر تقرير دولي من الجهة الدولية لحقوق الملكية الفكرية الدولية يشار فيه نسبة التعدي علي حقوق الملكية الفكرية في المجالات المختلفة مما يعود بالسلب علي البلاد.
واشار اللواء شفيق إلي ان الادارة لا تشترط لحماية صاحب اي « مصنف» ويقصد بها اي فكرة سواء علمية او تكنولوجية او اقتصادية ..الخ- تسجيل فكرته بجهة حماية الملكية الفكرية والحصول علي رقم ايداع، وانما مادام هناك دليل مادي وهو المؤلَف نفسه او الكتاب او المرجع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.