من اخطر الممارسات التي تتم وباحتفاء من المسئولين الحاليين كما كانت من المسئولين السابقين تلك البدعة الجاهلة تحت يافطة الاحتفالات السنوية بالعيد القومي للمحافظات . ولا اعرف هنا من وراء ذلك الاحتشاد الهائل حول مخططات ومؤامرات للتقسيم ولبيع اراضي مصر للأجانب وتجاهل ذلك الخطأ الفادح في تلك الاحتفالات شكلاً ومضمونا لأنها تخلق ارضية مناسبة وناعمة تتراكم عليها ميول واتجاهات تقسيم مصر ليس إلي أربع أو ثلاث دويلات كما يشاع بل الي 62 دولة من تلك البدعة المسماة الاعياد القومية للمحافظات ثم جعل لكل محافظة علما مستقلا، وقد تأتي مرحلة لاحقة ايضا لنشيد وطني للمحافظة وان كان هناك الان عشرات من الاغاني التي تمجد وتمدح بعض اهالي المحافظات فيما يبدو لخلق روح عصبية يمكن توظيفها في المستقبل. والخطأ الفادح في هذه الاحتفالات هو اعتبار ان المناسبة الوطنية او البطولات والتضحيات لابناء تلك المحافظة ضد الانجليز أو الفرنسيين أو إسرائيل هي بمثابة رمز قومي خاص لابناء محافظة هي فقط مجرد تقسيم إداري وليست كيانا ذا وجود قومي فعلي ، لان كل دساتير مصر لم تتحدث الا عن مصر باعتبارها جزءاً من الامة العربية وامتداداً للمحيط الاسلامي وكيف تكون لدمياط أو بورسعيد أو السويس او سيناء أعياد قومية ان هذا يعد اعترافاً شكلياً بالتقسيم مستقبلاً مع ان مصر وهبها الله نعمة ان تكون كياناً موحداً من الشرق الي الغرب ومن الجنوب الي الشمال فأبي الظالمون الا ان يتكبروا علي هذه النعمة ويقسموها الي قوميات، بل ان بعض المذيعيين في الإذاعات التابعة للدولة يتكلمون عن شعب دمياط مرة وشعب بورسعيد أو السويس مرة أخري مع أن الحقيقة هي ان هناك شعبا واحداً هو الشعب المصري وفي أزمة بورسعيد، نقلت الاذاعة المصرية عبر أحد المواطنات قولها ان شعب بورسعيد قرر الاستقلال، ولا يجب النظر إلي هذه الخزعبلات من الافكار علي أنها اضغاث أحلام، ففي ظل ازمة حادة وقيادات بدون رؤية سياسية أو بصيرة إيمانية أن تتحول أضغاث الاحلام الي وقائع مريرة. وقد يكون خلف فكرة الاحتفال بالاعياد القومية للمحافظات، زيادة الانتماء للوطن من خلال ذكريات كل بلدة او مدينة وأدوارهما وبطولاتهما عبر التاريخ وقد يكون زين احد المستشارين هذه الفكرة التي ظاهرها حق وباطنها باطل، فعندما نريد أن نعتز بتراث وطني في هذه البلدة أو القرية بذلك واجب وضرورة اما ان يتحول ذلك الاحتفال الي عيد قومي، لقومية لا وجود لها فهو باطل وضرر ناعم يتسلل رويداً رويداً حتي تأتي اللحظة المناسبة ليتحول الي حقيقة مفزعة. إنه إذا كانت مصر وحدة اقليمية واحدة موحدة، بنعمة وفضل من الله، فإن علي ابنائها خاصة من هم في موقع المسئولية ألا يطمسوا آثار هذه النعمة بولاءات كاذبة لغير مصر التي هي بمثابة الام الواحدة وابناؤها في المحافظات بعدت أو قربت عن مركزها العاصمة فهم سواء وإذا كان يجب الاحتفالات فتحت مسمي ابناء مصر في دمياط او بورسعيد أو أسوان أو الاقصر فهي احتفالات لابناء أم واحدة جامعة هي مصر ولا علاقة لها بقومية مفترضة او وهمية أو مجرد قناع يستعد معه آخرون للانقضاض علي الامة المصرية من هنا أو هناك ولكن بأيدي مسئولين وقياديين، كانوا يرغبون في عمل لصالح الوطن فإذا هم بجهل منهم او غفلة، صنعوا عكس ذلك. اننا نسعي ان تفكر حكومة محلب بجدية في شكل ومضمون هذه الاحتفالات من ناحية ان مصر وحدة واحدة وأن محافظاتها هم التقسيمات ادارية يمكن اعادة النظر فيها وفقا لمصالح البلاد أو المناطق، فمثلاً أنا من محافظة القليوبية وأري أن من مصلحة مصر اعادة النظر في ثلاث محافظات بلا ظهير صحراوي من أجل الحفاظ علي الاراضي الزراعية وهي القليوبية والمنوفية والغربية وضم هذه المحافظات الي المجاورة لها من محافظات لها ظهير صحراوي وهو أصلح للمستقبل ولا يعني ذلك أي افتئات أو قوميات مزيفة الصنع أما الاحتفالات السنوية فيجب تعديها لتصبح اعياد البطولة وليست أعيادا للقومية المزيفة، كبطولات أبناء بورسعيد والسويس ورشيد ونزلة الشوبك بالجيزة وشدوان ورأس العش فبذلك نحقق الإيجابي من هذه الاحتفالات ونبتعد عن السلبي سواء كان ظاهراً او باطناً ، او تكتمل ملامحه في مستقبل قريب أو بعيد.