رغم الهزار الثقيل للطقس مع بلدنا خلال الايام الماضية فقد أثارتني وانا اتابع احداث العالم علي مدي أكثر من أسبوع علي شاشات القنوات التليفزيونية المختلفة تلك المشاهد والتي تجسد ما تفعله مقدمات الشتاء المبكر وما بالك بالشتاء نفسه في دول كثيرة بانحاء العالم وماصاحبها من صقيع وثلوج كثيفة حولت كل شيء الي اللون الابيض الناصع. وجدتني أردد وأنا اعايش معاناة الناس في هذه الدول وصعوبة حياتهم.. عمار يامصر والله.. عمار يامصر. انه وفي الوقت الذي تتراوح فيه درجات الحرارة في شمال بلادنا وجنوبها ما بين 51 و22 درجة في هذه الايام باستثناء الأخيرة منها فان درجة الحرارة في بعض دول اوربا هبطت الي ما دون درجة الصفر بأكثر من 6 درجات.. في نفس الوقت الذي تتواصل معها فيه رخات المطر المتواصلة والمجمدة.
في هذا الجو الذي يقول اهل هذه البلاد ان استمراره لفترات طويلة يصيبهم بحالة اكتئاب شديدة.. كم أتمني أن نضيف إلي حملاتنا السياحية الدعائية فورا مقارنة بين الطقس المشمس الدافيء عندنا حيث بعض زوارنا من السياح يسبحون في مياه بحارنا الدافئة جدا بالنسبة لهم.. وهم يخرجون ألسنتهم لهذا الطقس المزمهر الذي داهم أوطانهم. من المؤكد ان تسليط الاضواء علي هذه المقارنة سيجعل معظم الذين يشاهدونها في التليفزيون صوتا وصورة سوف يحركهم للتفكير في ان يأتوا إلينا للاستمتاع بهذه الطبيعة الخلابة التي حبا الله بها بلدنا.. ان الملايين الذين تتاح لهم مشاهدة هذه الفقرات الدعائية سوف يغريهم وعلي ضوء معاناتهم من حالة الطقس السييء في بلدهم الي التخطيط لان تكون اجازة شتائهم الي مصر حيث الجو النموذجي بالاضافة الي العديد من المقومات السياحية ذات الطابع الحضاري والتاريخي. اذن فان ما يتعرض له العديد من بلاد العالم حاليا من مشاكل مناخية نتيجة تفاقم حالة الطقس وانعكاسات ذلك علي حياة الناس ومعيشتهم.. ينطبق عليه القول »مصائب قوم عند قوم فوائد«.
من ناحية أخري فانه لايمكن النظر الي هذا الجو السييء الصقيعي بأنه شر عام بالنسبة لهذه البلاد إذ انه يمكن القول وفي اطار الخير الذي يحققه في جوانب اخري.. شر لابد منه. ان هذه الثلوج المتراكمة سواء في المناطق النائية والجبلية وكذلك المناطق المأهولة تمثل في حد ذاتها مخزونا وموردا لمياه الانهار العذبة التي تزداد الحاجة اليها لسد الاحتياجات المعيشية والزراعية والصناعية وضمان استمرارية الخضرة في كل مكان وعلي مدي السنة. لاجدال ان أي شح لهذه الامطار والثلوج يعني مواجهة أزمة مياه في نفس الوقت. ان بعض الدول تمثل الثلوج ضرورة اقتصادية لتلبية متطلبات بعض الرياضات والهوايات الشتوية التي تعد موردا مهما للرزق بالنسبة لاعداد كبيرة من مواطنيها. تأتي في مقدمة هذه الدول سويسرا بأوربا ولبنان في المنطقة العربية التي يتم استثمار جبالها الثلجية في ممارسة رياضة التزحلق. في نفس الوقت فإن تكاثر هذه الثلوج خاصة في المناطق القطبية تمثل ترمومترا للتوازن المناخي علي المستوي العالمي والذي يعاني حاليا من الخلل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وما يترتب علي ذلك من ذوبان لكميات هائلة منه.
في هذا الاطار يمكن القول عندما نتأمل الطبيعة وتوزيعاتها المناخية ان الله قد جعل تقسيماتها موزعة بحيث يحقق الفائدة في بعض جوانبها للانسان ويحقق التوازن البيئي بين ارجاء المعمورة. من ناحية أخري المهم وامام ما يواجه تلك الدول التي لدي مواطنيها القدرة علي السياحة من هجمات مناخية تثير الرعشة في أوصالهم وفي اوصالنا بالمشاهدة فإننا مطالبون بسرعة التحرك لاستثمار هذه الحالة في الدعاية لدفء بلادنا واستعدادها لاستقبالهم عندما يقررون الهرب ولو لبعض الوقت من تجاوزات غضب الطبيعة.