بالأمس، وكعادتي، قمت بتشغيل جهاز التليفزيون في الصباح الباكر أستعدادا للقيام بجولة يومية معتادة بين مختلف محطات الارسال العالمية بحثا عن أهم الأخبار، ومدي الاختلاف في تناول هذه الأخبار من محطة لأخري بما يكشف عن توجهات هذه الدولة، أو تلك ، ومحاولة ان أستشف حقيقة ما يجري في هذا العالم، وبعد بضع دقائق من بدء هذه الجولة اليومية، فوجئت بتوقف الارسال تماما من خلال جميع الأقمار الصناعية التي تنقل برامجها إلي جميع أركان المعمورة، وكان ان استمر انقطاع الارسال إلي ساعات طويلة شعرت خلالها بأنني في معزل عن باقي أجزاء العالم، ولم يعد لي من وسيلة مرئية للاتصال الجماهيري سوي التليفزيون المصري المحلي الذي عادة ما يبخل علينا بالصورة الكاملة للأحداث! علمت بعد ذلك ان سبب انقطاع الارسال ، وأنظمة أخري عديدة، يعود إلي سوء الأحوال الجوية التي سادت في معظم أنحاء المعمورة، والتي يبدو أنها ستتكرر مرارا بسبب »الغباء الإنساني« الذي عبث بالطبيعة والبيئة، فكان ان بدأت الطبيعة في تغيير حالة الجو لعلنا نتعظ ونكف عن حماقتنا، ولما لم نكف ونتعظ كان »التسونامي«، والزلازل، وثورة البراكين، والفيضانات، والجفاف، وذوبان الجليد في القطب الشمالي، وتآكل طبقة الأوزون داخل الغلاف الجوي للكرة الأرضية، والاحتباس الحراري.. الخ، ورغم ان العلماء تدلت ألسنتهم من تحذير الغافلين من سكان الكرة الأرضية.. رغم ذلك فإن أحدا لا يتعظ، كما لو كان أهل الكرة الأرضية جميعا قد صمموا علي الانتحار، والتعجيل بمجيء الساعة! كل هذه الأفكار، وغيرها الكثير، دارت في مخيلتي خلال تلك الساعات التي انقطع عنها الارسال التليفزيوني العالمي، وكان الانطباع الأقوي الذي سيطر علي تفكيري هو ان حماقة البشر لا تعرف حدودا، وان الطبيعة تعرف، وتعقل أكثر مما نعرف نحن ونعقل، ومن ثم فإنها قررت ان تدفعنا دفعا إلي الطريق الصواب حيث الخطوة الأولي هي ادراك أننا جنس واحد، يعيش فوق كوكب واحد، ونتجه إلي مصير واحد، وانه مهما كان ثراء البعض منا وتقدمهم العلمي والحضاري، فإنهم يحتاجون إلي الآخرين، وان التلوث الذي تسببه صناعات الدول الكبري سيودي بهم وبنا أيضا، وان الأمراض التي تفتك بالشعوب الفقيرة والمتخلفة ستطول باقي شعوب الأرض.. راودتني كل هذه الأفكار لمجرد ان الارسال التليفزيوني العالمي انقطع عني، وعنا جميعا، لساعات محدودة!