محمد عبدالحميد فرج تقترب مصر من المرور بتجربة تاريخية، وهي عملية إنتخاب رئيس جديد للبلاد في تجربة تتسم بحس وطني مختلف، من حيث توقيت الإنتخابات التي تأتي في ظل فتره حرجه تمر بها الدولة بعد ثورتين تاريخيتين، وكذلك من حيث أسماء المرشحين الجدد للرئاسة ومدي تمتعهم بالقبول لدي أغلبية طوائف الشعب. وبتحليل سريع لتجربة الإستفتاء علي دستور 2014، نري أنها قد حققت العديد من الإيجابيات التي لايمكن إغفالها، بدءاً من الإقبال الشعبي علي التصويت، مروراً بإرتفاع نسبة الموافقة علي الدستور، وإنتهاء بنجاح مؤسسات الأمن العسكرية والشرطية بشهادة المراقبين المحليين والدوليين في فرض كلمتها والعبور بعملية الإستفتاء إلي بر الأمان حتي إعلان النتيجة النهائية. وبعد إنتهاء عملية الإستفتاء ينبغي أن نشير إلي ظهور ملاحظتين هامتين علي أرض الواقع بعيداً عن الرؤية النظرية، واجهتا المصوتين وشكلتا إستنكارات مباشرة منهم وهما: أولاً: أن مبدأ مباشرة الحق الإنتخابي هو أحد الحقوق الأساسية التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «1948» وكذلك كافة المواثيق الدولية في ذات الشأن، إلا أنه بقراءة التطبيق العملي للتمتع بهذا الحق نجد أنه قد شابه بعض الصعوبات التي ظهرت أثناء ممارسة عملية الإستفتاء منها وجود العديد من المواطنين من كبار السن والمرضي ممن يمتلكون حق التصويت، ولكنهم لا يستطيعون «صحياً» التوجة «بأنفسهم» لممارسة هذا الحق والإدلاء بأصواتهم تطبيقاً لنص القانون ! ومن ثمَّ برزت الحاجة إلي إيجاد «حل عملي وقانوني» لهذه المسأله قد تتمثل - في رأينا - في فتح باب «التوكيل بالتصويت للغير»، حيث يقوم الشخص المسن والمريض غير القادر علي التوجه بنفسه للإدلاء بصوته من القيام بعمل توكيل لشخص آخر محل ثقته للتصويت بدلاً منه بموجب توكيل رسمي معتمد ومُوقَّع من الطرفين، علي غرار قاعدة «الحق في اللجوء للمحاكم»، حيث يتم تحرير توكيل لأحد المحامين ينوب عن الموكل للتكفل بكافة الإجراءات القانونية أمام المحاكم. ثانياً: تحديد لجان معينه يسمح فيها للمواطن المتواجد في غير محافظته المثبتة في تحقيق الشخصية أثناء يوم التصويت أو ما يطلق عليهم «الوافدين» التوجة إليها للإدلاء بأصواتهم. هذه النقطة كانت إحدي المشكلات الأساسية والمتكررة مع العديد من المواطنين الوافدين أثناء عملية الإستفتاء علي الدستور. فقد تسببت تلك المسألة في ظهور نقطة سلبية أخري وهي عدم قدرة الوافدين من محافظات أخري علي التعرف علي موقع اللجنة المخصصة لهم، بسبب كونهم متواجدين في محافظات غير مألوفه لهم، وتسبب هذا في شعور الكثير منهم بالإحباط وتجاهلهم البحث عن اللجنة المخصصة لهم، ومن ثمَّ عدم ممارستهم لحقهم في التصويت. وهذه النقطة قد يتم حلها مستقبلاً إذا حدث تطوير في منظومة عملية الإدلاء بالصوت الإنتخابي، كإستخدام أجهزة التصويت الإلكترونية والتي تعتمد في الأساس علي إدخال بطاقة الرقم القومي في الجهاز، ويظهر علي شاشته كافة بيانات المواطن من حيث صحة تمتعه بالحق في ممارسة التصويت، وهل قام بالتصويت من قبل أم لا، وبالتالي يمكن للوافدين التصويت في أي لجنة علي مستوي الجمهورية. ولكن مازال موضوع إستخدام تلك الأجهزة المتقدمة في التصويت أثناء الإنتخابات الرئاسية القادمة غير مؤكد لأكثر من سبب، منها إرتفاع قيمتها المادية وكذلك إحتياج القائمين عليها للتدريب علي إستخدامها، لذلك فيجب محاولة تدارك الأمر والعمل علي السماح للوافدين بالتصويت في أقرب اللجان لمحل إقامتهم في المحافظات الأخري المتواجدين بها عند قيامهم بتسجيل بياناتهم في الشهر العقاري تيسيراً عليهم لممارسة حقهم الإنتخابي. *وفي رأينا أنه إذا تم تدارك هاتين الملاحظتين قبل الإنتخابات الرئاسية القادمة سوف تكون نقطة إيجابية في سبيل التيسير علي الناخبين، ومن ثم الخروج بتجربة إنتخابية رئاسية تاريخية علي أفضل ما تكون.