أخيرا تحقق للشعب المصري ما أراد.. وما ثار من أجله في 30 يونيو الماضي.. وما خرج من أجله في 3 يوليو.. وما فوض من أجله في 26 يوليو.. لم يكن الشعب يريد اسقاط مرسي أو انهاء حكم الإخوان فقط.. لكنه كان يريد زعيما.. ووجد في قائد الجيش هذا الزعيم. كانت اللحظة التي انتظرها الشعب طويلا بإعلان عبد الفتاح السيسي ترشيح نفسه لانتخابات رئيس الجمهوربة هي اللحظة التي تعني نجاح تفويضه وتكليفه للرجل الذي انحاز للشعب واختار أن ينفذ مطلبه بإزاحة الكابوس الذي جثم علي صدورنا عاما كاملا.. هي اللحظة التي تعني تكليف الرجل بأن يكمل تحقيق الهدف ويواصل تحمل المسئولية.. لأنه الشعب يدرك أن الرجل قادر علي ذلك.. بل إنه الأكثر قدرة. هو تكليف وليس تشريفا.. فالمهمة ثقيلة وليس فيها أي مساحة للرفاهية التي نتخيلها في منصب الحاكم وهو ما عبر عنه السيسي في كلمته التي وجهها للشعب ليلة أمس الأول وهو يعلن قبوله تكليف الشعب قائلا: لا أحدٌ يستطيع أنْ يُصبحَ رئيساً لهذهِ البلادِ دونَ إرادةِ الشعبِ وتأييدهِ.. . لا يمكنُ علي الإطلاقِ، أنْ يجبرَ أحدٌ المصريينِ علي انتخابِ رئيسٍ لا يُريدونَهُ.. . لذلكَ، أنا وبكلِّ تواضعٍ أتقدمُ لكمْ مُعلِناً اعتزامي الترشح لرئاسةِ جمهوريةِ مصرِ العربيةَ.. . تأييدكم، هو الذي سيمنحني هذا الشرفَ العظيمْ. إنني أمتثلُ لنداءِ جماهيرَ واسعةٍ من الشعبِ المصريِ، طلبت مني التقدمُ لنيلِ هذا الشرفِ.. . أعتبرُ نفسي - كما كنتُ دائماً - جندياً مكلفاً بخدمةِ الوطنِ، في أي موقع تأمر به جماهير الشعب. الشعب يدرك أن أي رئيس قادم لا يحمل عصا سحرية.. لكنه يريد من يصارحه بما نواجهه من مشاكل.. وهاهو السيسي في كلمته يقول للشعب: مِن اللحظةِ الأولي التي أقفُ فيها أمامَكم، أريد أن أكونَ أميناً معكم كما كنت دائماً، وأميناَ مع وطني، وأميناً معَ نفسي. لدينا نحن المصريين، مهمةَ شديدةُ الصعوبةِ. قال للشعب: يجبُ أنْ نكونِ صادقينِ مع أنفسِنا، بلدُنا يواجهُ تحدياتٍ كبيرةٍ وضخمةْ، واقتصادُنا ضعيف.. ملايين من شبابنا بيعانوا من البطالةِ في مصر، هذا أمرٌ غيرُ مقبولْ.ملايينُ المصريين بيعانوا من المرضِ، ولا يجدوا العلاجِ، هذا أمرٌ آخر غيرُ مقبولْ. مصر البلدُ الغنيةُ بمواردها وشعبها - تعتمدُ علي الإعاناتِ والمساعدات، هذا أيضاً أمرٌ غيرُ مقبول. فالمصريون يستحقونَ أنْ يعيشوا بكرامةٍ وأمنٍ وحريةٍ، وأنْ يكونَ لديهِمُ الحقُ في الحصولِ علي عملٍ وغذاءٍ وتعليمٍ وعلاجٍ ومسكنٍ في متناولِ اليدْ. حدد في كلمته ملامح برنامجه.. أمامَنا كلنا كمصريين، مهامٌ عسيرةٌ: إعادةُ بناءِ جهازِ الدولةِ الذي يعاني حالةِ ترهلٍ تمنعه من النهوضِ بواجباتِهِ، وهذه قضيةٌ لابد من مواجهتِها بحزمٍ لكي يستعيدَ قُدرتَهُ، ويستردَ تماسكَهُ، ويصبحَ وحدةً واحدةً، تتحدثُ بلغةٍ واحدةْ. اعادةُ عجلةِ الإنتاجِ إلي الدورانِ في كل القطاعات لإنقاذِ الوطنِ من مخاطرَ حقيقية بيمر بها.إعادةُ ملامح الدولة وهيبتها، التي أصابَها الكثيرُ خلالَ الفترةِ الماضيةِ. مهمتُنا استعادةُ مِصرْ وبنائها. كان حازما واضحا عندما أكد دور الشعب.. صناعةُ المستقبل هي عملٌ مشتركٌ، هي عقدٌ بين الحاكم وبين شعبه، الحاكم مسئولٌ عن دوره وملتزم به أمامَ اللهَ وأمامَ شعبه، والشعب أيضاً عليه التزاماتٍ من العمل والجهد والصبر، لن ينجح الحاكم بمفرده، بل سينجح بشعبه وبالعمل المشترك معه. الشعبُ المصريُ كله يعلم أنه من الممكنِ تحقيقُ انتصاراتٍ كبيرةٍ، لأنهُ حققَها من قبلِ، ولكنّ إرادَتَنا ورغبتَنا في الانتصارِ لابدّ أن تقترنَ بالعملِ الجادِ. كان متواضعا بسيطا عندما أكد أنه لن تكون لديه حملةٍ انتخابيةِ بالصورةٍ التقليديةِ.. .قائلا: لكن بالتأكيد فإنه من حقّكُم أن تعرِفوا شكلَ المستقبلِ كما أتصورُهُ، وده حيكون من خلال برنامج إنتخابي ورؤيةٌ واضحةٌ تسعي لقيامِ دولةِ مصريةِ ديمقراطيةِ حديثةِ دونَ إسرافٍ في الكلامِ أو الأنفاق أو الممارسات المعهودة، فذلك خارجِ ما أراهُ ملائماً للظروفِ الآن. الشعب الآن يشعر بأن ثورته الثانية لم تضع مثلما ضاعت الأولي .