هناك أناس كثيرون بيننا هم الأحق بأن نغبطهم ونقتدي بهم رغم أنهم ليسوا من المشاهير ونجوم المجتمع الذين يحتلون مختلف وسائل الاتصال ليل نهار. هؤلاء المغمورون اجتماعيا تحسبهم من مشاعرهم الفياضة بالسكينة- وسلوكهم المظلل بالرقي وحسن الخلق- أناسا مرفهين لم تعرف ابتلاءات الدنيا وصراعات الحياة المادية اليومية طريقها إلي نفوسهم، لكنك حينما تقترب منهم وتحاورهم تكتشف أنهم أكثر الناس ابتلاء وتعرضا لضغوط الحياة بتفاصيلها المزعجة ومفاجآتها المؤلمة!! يظل المفهوم الاسلامي للصحة النفسية متميزا عن المفهوم الغربي الذي يقصرها علي قدرة الإنسان علي التكيف مع الذات والآخرين بغض النظر عن علاقة هذا الإنسان بالخالق الأعظم سبحانه وتعالي، لأن الصحة النفسية لا تتحقق وتدوم إلا إذا كان التكيف مع الذات والآخرين مظللا ومحكوما بطاعة الله عز وجل. وأهم ما يستحق الغبطة والاقتداء في أناس وهبهم الخالق حبه ومتعهم بالصحة النفسية قدرتهم العجيبة علي مواجهة ابتلاءات الحياة بهذه السكينة والهمة دون أن يجنح سلوكهم للعدوانية ودون أن تختفي البشاشة في تعاملاتهم اليومية مع الآخرين. هذه النوعية من البشر قد تكون بيننا في المسكن والشارع ومكان العمل ولا يحجبنا عنها إلا الخرس الاجتماعي الذي جعل الكثيرين منا في جزر منعزلة لا يتفاعلون مع أقرب الناس إليهم، ويشعرون ان الدنيا سوداء لمجرد ابتلاء بسيط أو لمجرد الإحساس بالفراغ، مع أن الحبيب المصطفي - صلي الله عليه وسلم- قال: »نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس.. الصحة والفراغ«. ما أرقي السلوكيات وما أعظم المشاعر حينما تظلل بالإيمان بالله والاقتداء برسوله.