نقطة في بحر

فُرادي مصر

مصطلح يطلق علي كل مصري حصل علي تأشيرة حج فردية هبة من القنصلية السعودية دون أن يدفع فيها أي مقابل اللهم إلا الشيك الخاص باتحاد المطوفين وبها يستغني عن الحج السياحي أو حج القرعة أو الجمعيات.
المهم أن كل هؤلاء المصريين يربطهم جميعا مطوف واحد صاحب المكتب رقم 131 بحي الهجرة بمكة المكرمة، كل هؤلاء يتم تفويجهم من مدينة الحجاج بجدة وتخرج بهم اتوبيسات تتبع المطوف من جدة إلي مكتبه في مكة المكرمة بعد أن يسلم جواز سفره إلي مندوب المطوف وهناك يعطي بطاقة بصورة شخصية ورقمه واسم المطوف الذي يتبعه وهي بديل عن حمل جواز السفر الذي سوف يتسلمه في مطار جدة قبل توجهه لركوب الطائرة في طريق العودة.
إلي هنا والمسألة تبدو طبيعية في اطار منظومة للعمل لاخراج موسم حج لا ينكر إلا جاحد مدي الجهود التي تبذلها السلطات السعودية في التعامل مع ما يقرب من أربعة ملايين من البشر يجتمعون معا في أيام معلومات وهو ما يفوق أي حشد يمكن جمعه في أي مناسبة دينية أو غير دينية في أي مكان بالعالم جغرافيا وتاريخيا، ولكن ما يحدث علي أرض الواقع يجسد معاناة يمكن تجنبها بكل بساطة فبعد أن تتسلم بطاقتك وتتوجه إلي المسكن الذي تعاقدت عليه أو تبدأ في البحث عنه في مكة المكرمة وليس من حقك ان تتوجه إلي المدينة المنورة أولا فعليك الالتزام بتعليمات المطوف الذي يبدأ رحلاته إلي المدينة خامس أيام عيد الأضحي.
وهي الرحلة التي طلب منا المطوف أن نتواجد أمام مكتبه من الثانية ظهرا رغم ان السيارات كانت متوافرة لكنها تحركت بعد صلاة العشاء أي قبل الثامنة مساء بقليل، والسبب تعاقده مع سيارات نقل ركاب موديلات قديمة وبدلا من وضع الأمتعة في مخازن أسفل الباصات تفتح أبوابها من الجانبين، تبدأ رحلة وضعها فوق أسطح الاتوبيس هي عملية تستغرق أضعاف الوقت الذي يمكن استخدامه في الاتوبيس الحديث نوعا ما.
كما أن السائق أبطل عمل جهاز التكييف لأن السيارة لا تسحب علي حد قوله وبدلا من خمس أو ست ساعات علي الأكثر تستغرقها الرحلة تفاجأ بساعات تسع مرت عليك منذ تحرك الاتوبيس حتي تفويج الحجاج مرة أخري علي مشارف المدينة المنورة وهو أمر استغرق ثلاث ساعات هو الآخر لتصل إلي الفندق المجاور للحرم النبوي قبل التاسعة بقليل مكتشفا ان رحلة الذهاب من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة استغرقت نحو عشرين ساعة منذ ان تركت مسكنك في مكة حتي دلفت إلي الفندق.
ووجدتني أتساءل لماذا يسيطر علي صاحب التأشيرة الفردية احساس بأن كل الظن انه حصل علي التأشيرة ليمكث في السعودية باقي عمره، صاحب هذه التأشيرة منه للمطوف لصاحب الفندق أو المسكن الذي يريده ليؤويه طوال أيام معدودة، وعليه أيضا أن يبحث عن مطوفه ومخيمه في مني وعرفات وهو المخيم المفتوح لكل عابر سبيل وليس فقط للذين يحملون بطاقة فرادي مصر 131!!