دموع أعضاء لجنة الخمسين هزت مشاعر الملايين وأبكت الآلاف في جميع أنحاء مصر.. دموع فرحة حقيقية غير مسبوقة.. فرحة من القلب تترجم مشاعر وطنية تفيض حبا وعشقا لمصر.. الوطن الذي يعيش فينا.. فرحة بإنجاز دستور يليق ببلد بعظمة مصر وتاريخها وحضارتها ويفتح أمامها الباب للعبور إلي المستقبل. ليست هذه عبارات إنشائية.. لكنها الحقيقة التي جسدتها مواد الدستور بعد 65 جلسة عقدتها لجنة الخمسين علي مدي شهرين ونصف تقريبا استغرقت 272 ساعة، بالاضافة إلي 603 ساعات مدة انعقاد اجتماعات اللجان النوعية و027 ساعة أخري استغرقتها اللجنة في المرحلة الأولي من عملها استمعت فيها لممثلي 19 هيئة وجهة وتم الأخذ بكل مقترحاتها في صياغة الدستور. مجهود ضخم بلاشك يستحق الاشادة وتوجيه التهنئة لشعب مصر أولا ثم لرئيس اللجنة عمرو موسي الذي استطاع بدبلوماسيته وخبرته في تقريب وجهات النظر العبور بمناقشات اللجنة إلي بر الأمان.. ساندته في ذلك بكل قوة نائب رئيس اللجنة القديرة مني ذوالفقار عاشقة مصر وترابها والتي لم تهدأ لحظة وهي تتحرك في كل مكان لحل أي مشكلة أو خلاف ينشأ هنا أو هناك. ولا ننسي دور د. جابر جاد نصار مقرر اللجنة بخبرته الطويلة كأستاذ قانون دستوري ومحمد سلماوي المتحدث باسم اللجنة الذي كان حلقة الوصل اليومية بين لجنة الخمسين ووسائل الإعلام يمدها بمنتهي الشفافية بكل التفاصيل ويشرح ويحلل الخلافات والأزمات حول بعض المواد.. وكان خلف هؤلاء جميعا كتيبة رائعة من العاملين الأكفاء بمجلس الشوري شكلوا الأمانة الفنية للجنة بقيادة المستشار فرج الدري الذي واصل الليل بالنهار من أجل ملاحقة المناقشات والتعديلات أولا بأول وتجهيزها لتكون في أيدي أعضاء اللجنة مع بداية كل جلسة. في مقابل هذه المشاعر الدافئة والفرحة بالدستور الجديد هناك مشاعر علي النقيض.. مشاعر حقد وغضب ورفض لما حققته لجنة الخمسين من إنجاز في التوقيت المحدد لها.. وهناك استعدادات وخطط توضع في الداخل والخارج لعرقلة عملية الاستفتاء علي الدستور بأي ثمن ومنع الناخبين من الوصول للجان إلا من سيقولون »لا« حتي تأتي النتيجة برفض الدستور الجديد ويتعذر تنفيذ باقي استحقاقات خارطة المستقبل من انتخابات برلمانية ورئاسية. من لا يريدون الخير لمصر سيبذلون أقصي جهدهم لاثبات فشل ثورة 03 يونيو وواجبنا أن نتصدي لهم بكل قوة وأن نبدأ علي الفور حوارا مجتمعيا حول الدستور الجديد لتوضيح ما أكده من حقوق وحريات لم تشهدها الدساتير المصرية من قبل وبشكل واضح ومباشر لا يمكن الالتفاف عليه.. وما تضمنه من التزامات تجاه كل فئات الشعب خاصة ما يتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية. مساحة المقال لا تسمح بالاستفاضة في الاشارة إلي مزايا الدستور الجديد.. لكن الحوار المجتمعي الذي أشرت إليه كفيل بتوضيح كل الحقائق حتي يذهب الناخب إلي الصندوق وهو واثق أنه يقول »نعم« لدستور ينقل مصر من حال إلي حال.. من مرحلة الاضطراب للاستقرار.. ومن الفقر والجهل والمرض إلي الرخاء والتنمية الاجتماعية. الدستور هو معركة الساعة كما ذكرت الأسبوع الماضي ويجب ألا تشغلنا عنه أية خلافات أو صراعات سياسية لأن الاقبال علي المشاركة في الاستفتاء بأعلي نسبة حضور والتصويت ب»نعم« بنسبة لا تقل عن 07٪ هو الضمانة الوحيدة التي تؤكد للعالم كله نجاح ثورة 03 يونيو حتي تخرس الألسنة التي تدعي أنها كانت انقلابا وتنطلق مصر تستكمل استحقات خارطة المستقبل ليكون لدينا مع بداية الصيف المقبل رئيس جديد وبرلمان منتخب بصلاحيات واسعة تدعم الممارسة الديمقراطية. الشعب المصري أرهقته الفوضي والمظاهرات والاعتصامات وقطع الطرق وغلاء الأسعار وتدهور الاقتصاد.. كل شيء تراجع في »السنة السودة« التي حكم فيها الإخوان.. ولهذا فهو يتشبث الآن بأي بارقة أمل في اصلاح الأحوال.. والاصلاح لا يبدأ إلا بإقرار الدستور الجديد الذي ينقل مصر نقلة حضارية وديمقراطية واسعة. من الآن وحتي موعد الاستفتاء علي الدستور عيون العالم علي مصر.. تتابع كيف يري الشعب دستوره الجديد؟ وكيف يصوت في الاستفتاء عليه؟ فلنضرب المثل للعالم ونخرج للمشاركة في الاستفتاء بأعداد تفوق من خرجوا في 03 يونيو لاسقاط الإخوان.. نخرج نقول »نعم« للدستور ونكتب تاريخا جديدا لمصر.