الظاهرة البارزة بعد اعلان نتائج المرحلة الأولي والأساسية للانتخابات التشريعية وحصول الحزب الوطني علي الأغلبية الكاسحة تشير إلي ان طريق الممارسة الديمقراطية أمامنا مازال طويلا. طبعا أقول ان من حق الحزب الوطني واستنادا إلي رصيده السياسي والتنفيذي علي مدي سنوات طويلة أن يحقق هذا الفوز الكبير ولكن هذا لا يمنع من القول بأن الآمال كانت معقودة بأن يكون لبعض الأحزاب تواجد مؤثر في مجلس الشعب يساهم في اثراء هذه التجربة الديمقراطية وهو الأمر المنوط بأداء الناخبين لحقوقهم الدستورية بالحرية الواجبة. ليس من تعليق علي هذه النتيجة سوي أن قطاعات كبيرة من الشعب مازالت في حاجة إلي المزيد من الجهود وأن هناك قصورا من الأحزاب ومن الدولة علي السواء في تنمية الوعي السياسي.. مثل هذا التحرك لابد أن يتركز أساسا علي أن يكون التوازن السياسي داخل مجلس النواب هو الضمان لقيامه بدور فعال في مجال الرقابة والمتابعة للسياسات العامة ولكل الأنشطة التنفيذية لتحقيق الصالح العام بعيدا عن اي شعارات اخري. علي كل حال وبعد اعلان نتيجة المرحلة الأولي للانتخابات- وهي الأساسية - فإن ذلك لا يمنع من التعرض لهذه المتطلبات أملا في مراعاة ذلك مستقبلا. وفي هذا المجال لابد أن نؤكد علي ضوء التجارب التي مر بها غيرنا.. ان الانفتاح الديمقراطي السليم يعد الركيزة الأساسية لضمان أمن واستقرار الوطن سياسيا واقتصاديا وباعتباره يعكس بأمانة اتجاهات الغالبية الشعبية التي هي مصدر كل السلطات. انطلاقا من هذا الواقع فإنني أرجو أن يتحمل مجلس الشعب الجديد مسئوليته التاريخية مع القيادة السياسية العليا في العمل من أجل التوصل إلي معادلة تفتح الباب علي مصراعيه للممارسة الديمقراطية التي نتطلع إليها جميعا.. ان أعضاء هذا المجلس مطالبون بعد استكمال العملية الانتخابية بمراحلها المختلفة ان يكونوا علي مستوي هذه المسئولية بتركيز توجهاتهم وجهودهم بشكل أساسي لخدمة الأهداف الوطنية العليا قبل أي شيء آخر وأن يكون دورهم مساهمة فعالة في تحقيق النهضة المرجوة للوطن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. لا أحد ينكر ضرورة أن يكون هناك تحرك ايجابي علي ضوء نتائج هذه الانتخابات من أجل الاستجابة للتطلعات الجماهيرية نحو حياة أفضل. بالطبع فإنه لا أمل في تحقيق هذا الهدف دون أن يكون هناك إيمان لا يتزعزع مدعم بالحس الوطني بأهمية التعاون الخلاق القائم علي مبدأ فصل السلطات ويقوم علي اساس الشفافية والاجتهاد والعطاء. الانطلاق في هذا الطريق ووفقا لهذه العوامل لابد أن يقوم علي أساس مبدأ التغيير إلي الأحسن في اختيار الكفاءات التي تسند إليها المسئولية في المرحلة القادمة. ان أهم العناصر التي يجب أن تكون محورا لهذا الاختيار.. هو الثقة والقبول الجماهيري والبعد عن الشبهات التي تؤدي عدم مراعاتها إلي سلبية التعامل وعدم التجاوب مع سياسات الاصلاح والتطوير. جلال دويدار