سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مزلقانات الموت تحاصرهم.. والكلاب الضالة تشاركهم المأوي سكان عزبة أبو صفيح.. المعذبون في الأرض !!
الأهالي : ننام في « الطل».. وقطار التطوير لا يأتي إلي محطتنا
«عزبة الصفيح» بشارع السودان وعلي شريط السكة الحديد احدي عشوائيات الجيزة.. من الوهلة الاولي وبمجرد سماع اسمها يتخيل الوصول اليها عبر شارع السودان الذي يربط ميدان لبنان بمنطقة الدقي.. ولكن المفاجأة انه عند سؤالنا المارة عن مكان وجودها تحديدا لم يعرفوها.. وبعد بحث استغرق ساعتين وصلنا الي « عزبة الصفيح « عبر منطقة ناهيا. دخلنا في ممر طويل تحت احد الكباري المتواجد بشارع السودان فوجدنا عششا من الصفيح لاتزيد مساحة العشة الواحدة علي متر في متر يعيش داخلها عائلة يزيد عدد افرادها علي 5 افراد.. يحاصرها شريط السكة الحديد من الامام ومن الخلف شارع السودان.. سكانها يجلسون امام العشش منتظرين « الفرج « يحلمون بأن يعيشوا حياة كريمة وآدمية.. ينتظرون تصريحا أو قرارا من المسئولين يغير حياتهم ويحقق آمالهم.. سكان « العشش « يستعملون صنابير المياه العمومية في غسل ملابسهم وقضاء احتياجاتهم اليومية من المياه، لكن المياه تغيب عن الصنبور العمومي لأكثر من 3 أيام.. الثعابين والحيوانات الضالة تخرج عليهم ليل نهار وتهدد حياتهم وحياة اطفالهم. بداية المعاناة رسمها لنا محمد ربيع الذي يقطن احدي العشش مع أبنائه الأربعة بعد وفاة زوجته منذ 8 سنوات، ويقول: «بنّام مفتحين عين ومغمضين عين، خوفاً من العقارب والثعابين، والبلطجية والمخدرات وضرب النار وانعدام الأمن»، مضيفاً: «نعيش تحت الأرض.. عايزين نحس إننا في بلدنا، عايزين حد يحس بينا.. الثورة حصلت وحلمنا بالتطوير ولكن يبدو ان التطوير حلم بعيد المنال كالسراب ! بنبرة يملؤها الحزن والاحباط تقول جيهان السيد احدي القاطنات بالعشش: لقد ولدت في هذا المكان منذ اكثر من 35 عاما وتزوجت في نفس المنطقة، وعندي طفلان اكبرهما يبلغ 13 عاما.. لا احد يشعر بنا ولا بمشاكلنا،فحياتنا غير ادمية وفي كل مرة يأتي الينا المسئولون ويستمعون الي مطالبنا لنسمع نفس الوعود تتكرر مع اختلاف الوجوه ولا شيء يحدث بالمرة وتمر السنوات ويبقي الحال كما هوعليه وكأننا لسنا مواطنين ولنا حقوق نطالب بأبسطها وهو حصولنا علي مسكن نحيا فيه حياة كريمة. وتضيف جيهان والدموع تملأ عينيها لتبكي حالها وحال اطفالها: « لا اعرف الي متي سنظل في هذا الوضع ومتي سينظر المسئولون الينا ويضعوننا علي قائمة اولوياتهم.. فأنا اصبحت لا اخشي شيئا سوي اطفالي ليلا ونهارا انظر اليهم واتخيل مستقبلهم في هذا المكان، فأنا لا اريد لهم ان يستكملوا حياتهم في هذا المكان، وكأي أم اتمني أن أراهم في أفضل مكان. وتستطرد قائلة: آخر الوعود التي سمعناها انه سيتم نقل 100 أسرة تقريبا خلال شهر يونيوالماضي ولكننا اصبحنا لا نصدق اي وعود حتي نري ذلك بأعيننا، فنحن «شبعنا من الكلام والوعود». اما عدل السيد حسين فتجسد معاناتها قائلة : أسكن في هذه العشة انا وزوجي وابنائي الستة.. زوجي ارزقي «علي باب الله» ولا احد يعمل من ابنائي سوي ابني الاكبر.. حالنا لا يسر احدا بالمرة فنحن لا نجني سوي اننا اصبحنا «فرجة «للمسئولين الذين يأتون كل حين لنسمع نفس العبارات والوعود والجمل تتكرر دون وجود اي جديد.. فنحن هنا نعيش وسط اكوام القمامة والحجارة الامر الذي اصابنا واطفالنا بالامراض الصدرية بسبب التلوث الذي يحيط بنا ، فنحن نتعرض للخطر في اليوم مائة مرة وكذلك ابناؤنا خاصة بعد هدم السور امام القطار لتتراكم اكوام القمامة امام العشش وليتعرض الاطفال للموت كل يوم. ويتعالي صوت الحاجة ام هاني مستنكرة الاهمال الذي طالهم لأكثر من 40 عاما في هذا المكان لتقول لا اعرف سوي خبز العيش وبيعه من اجل الانفاق علي أسرتي ، فزوجي مريض لا يستطيع الحركة ، ولا احد يستطيع ان يتخيل المأساة التي نعيشها هنا في العشش فحياتنا هنا وكأننا بلا مأوي فمعاناتنا في فصل الشتاء لا يمكن وصفها.. الامطار والوحل تغطي منازلنا والوضع لا يختلف في فصل الصيف لتأتي الشمس بشدتها.. واضطررت الي بناء فرن بلدي بداخل العشة من اجل «لقمة العيش» ورزقي في اليوم الواحد أحيانا لا يتعدي 10 جنيهات.. ولك ان تتخيل ان هذا المبلغ الزهيد ينفق علي اكثر من 7 افراد، فما نطلبه ونتمناه ان نحيا حياة كريمة. وتضيف : حتي لوتم نقلنا بالفعل نحن نحتاج الي مصدر رزق ثابت لنا وقد تقدمت للحي بطلب الحصول علي ترخيص من أجل»فاترينة» ابيع بها بقالة ولكني لم احصل سوي علي المماطلة ما بين الحي والمحافظة وبدون اي اجابات اخري. وتردد نعمات أبوالحمد نفس الشكوي وتقول : السكان في العشش هنا»غلابة « لا يريدون سوي الستر والحصول علي حقوقنا مثل اي مواطن عادي. اما الحاج حلمي أبوالحمد فقد حفر الزمن بصمته علي وجه الرجل الذي خرجت منه الكلمات وكأنها تمتمة ليقول الكهرباء والمية نحصل عليها بالصدفة.. فالمياه التي نحصل عليها احيانا تخرج وكأنها مياه مجاري ، اما الكهرباء « فاحنا ونصيبنا «، فنحن نحصل عليها احيانا «سرقة» من إحدي الوصلات واغلب الوقت تكون مقطوعة.