اعترف انني شعرت أمس بالصدمة عندما استمعت إلي قيادة كبيرة في حزب الوفد تتحدث عن برنامج الحزب في مجال الصحة.. وهو القطاع الذي أعمل فيه وأعرف دقائقه ومن داخله.. وانتابني إحساس مؤسف بأن وعينا الاجتماعي مازال محلك سر.. وان الأحزاب المصرية في زمن الانتخابات تتصرف بعقلية قديمة ترتكز علي عرض برامج لا رابط بينها.. عناصرها افتراضية أو كاذبة ترويجا لمرشحيها.. في انتخابات البطل الحقيقي فيها هو الناخب الذي لم يعد ينطلي عليه ما يقولون. وبرغم ان مصر بها أربعة وعشرون حزبا إلا أنني بجوار الحزب الوطني أكاد لا أري سوي عدد قليل منها من بينها حزب الوفد كحزب جدير بتتبع نشاطاته وبرامجه اثناء الانتخابات وحتي قبل وبعد ذلك.. احتراما لتاريخه الطويل ووطنية قياداته علي مر السنين.. ولقد اندهشت كثيرا عندما قرأت برنامج الحزب الذي أعلنه في مجال الرعاية الصحية وما يقوله قادته ومرشحوه اثناء جولاتهم الانتخابية في هذا القطاع المهم من حياة المواطن.. وسألت نفسي كثيرا أليس الاعتراف بما تحقق خلال السنوات الماضية في قطاع الصحة يشرف كل مواطن وفديا كان أو ينتمي للحزب الوطني.. أو حتي لغيرهما من الأحزاب؟ أليس من المفروض ان ندقق في الانجازات التي تمت قبل ان نضع برامج وهمية ذات ألفاظ رنانة لا تناسب عصرنا بل تناسب عصرا مضي منذ سبعة عقود كان الجهل يطبق فيها علي عقولنا بسبب غلبة الأمية..؟ ألم ينظر منظرواالحزب فيما تم قبل ان يكتبوا برنامجا انتخابيا لا يقرأه أحد لانه غير جاد وغير صادق..؟ أقرأوا معي ما أعلنه وزير صحة حكومة الحزب الوطني في منتصف عام 9002 عن نتائج المسح الصحي والسكاني لمصر الذي دققت نتائجه وراجعتها منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة ومعها هيئة التنمية الأمريكية وبحضور ممثلين عنهما وكانت فيه بعض المحطات المهمة التي تمثل نقطا مضيئة في مجال الرعاية الصحية في مصر أعلنتها هيئات محايدة بل ربما هيئات لا يسعدها كثيرا هذه التطورات المبهرة في مجال هو الأهم في حياة مواطن أي دولة، هذه المؤشرات الايجابية لم تأت من فراغ وإنما جاءت نتيجة محصلة رؤية واضحة واستراتيجية شاملة وكاملة وضعتها وزارة الصحة وعملت علي تنفيذها مع مختلف الشركاء وأصحاب المصلحة. فمن أهم نتائج المسح- هم يقولون- انخفاض معدل وفيات الرضع في مصر من 37 إلي 52 لكل ألف مولود خلال الفترة بين عامي 0991 و8002 محققا نسبة انخفاض قدرها 66٪ وايضا اعلان مصر كأول دولة افريقية في القضاء علي مرض شلل الأطفال عام 6002، وزيادة نسبة الاطفال الذين تلقوا تطعيما ضد الحصبة من 28٪ عام 2991 إلي 7.79٪ عام 7002 بزيادة قدرها 91٪، كما تلقي 29٪ من الأطفال عام 8002 تطعيمات ضد جميع أمراض الطفولة الرئيسية التي يمكن الوقاية منها. أظهر المسح أيضا أن نسبة المعرفة بوسائل تنظيم الأسرة بلغت 001٪، كما زادت نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة من 42٪ عام 0891 إلي 06٪ عام 8002، وانخفاض معدل المواليد عام 8002 حيث بلغ المتوسط ثلاثة أطفال لكل سيدة مقارنة ب3.5 طفل لكل سيدة عام 0891. قالوا أيضا أن مصر تشهد تحولا تدريجيا في نمط الأمراض التي يواجهها المصريون من الأمراض المعدية إلي الأمراض غير المعدية فقد نجحت مصر في التخلص من الملاريا، وانخفاض نسبة الاصابة بمرض السل من 07 إلي 13 حالة لكل 001 ألف خلال الفترة من 0991 إلي 8002 بنسبة انخفاض قدرها 07٪، وكذلك مرض البلهارسيا من 8.63٪ عام 3791 إلي 6.0٪ عام 8002 بنسبة انخفاض قدرها 87٪. ورغم ان هذا التقرير الذي وضعته هيئات أجنبية كان منصفا بل مشرفا إلا أنهم لم يذكروا في تقريرهم انه تم تشكيل اللجنة القومية واللجان الاقليمية بالمحافظات لخفض معدل وفيات الأمهات بمصر، اعتبارا من عام 6991 تم تعميم استعمال الملح المدعم باليود علي المستوي القومي واعتبارا من 1/1/99 تم تنفيذ برنامج دعم الاطفال بفيتامين »أ«، تطبيق نظام التأمين الصحي علي المواليد بأنحاء الجمهورية بداية من 1/01/7991. من عندي كمتخصص أضيف علي ذلك لكل الأحزاب بل لكل مرشحيها في الانتخابات ان مصر قد استحدثت ثلاثة برامج قومية لتعميم النجاح والتفوق في مجال صحة المواطن . .. وللمقال بقية.