عجيب أمر الحكومات المتعاقبة التي تدير شئون البلاد والعباد في مصر..كلها تعودت أن تصدر القرارات تحت ضغوط شعبية..الأعجب أن الاستجابة للضغوط تجعل القرار يصدر علي عجل دون دراسة متأنية لكافة جوانبه فيخرج مليئا بالثغرات والنواقص. هذا هو ماحدث بالضبط مع صدور قرار الحد الأدني للأجور ب1200 جنيه، والذي لم يأت ملحقا به أي ذكر أو إشارة لأصحاب الدخول التي تقع مابين الأدني والأقصي، وهل ستكون هناك قرارات لاحقة تتعلق بتسوية مرتبات فئة " الأوسط " والتي عانت أشد المعاناة طوال عدة عقود.. إنها الفئة التي ستتضرر كثيرا من جراء صدور قرار الحد الأدني، خاصة أن الحكومة تعلم قبل غيرها كيف أن لهيب الأسعار يشتعل ويتوهج فور صدور أي قرار بزيادة في المرتبات أو حتي بمنحة عابرة ؟!.. وسؤال آخر يفرض نفسه: ماذا ستقدم الحكومة لأصحاب المعاشات الذين خدموا الدولة لعشرات السنين بمرتبات أبسط ما توصف به أنها »كحيانة«؟! ورغم ما قرأته من تصريحات علي لسان عبد الفتاح إبراهيم رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال من أن الحد الأدني ما زال لا يراعي التوازن بين نفقات المعيشة والخدمات المطلوبة،إلا أنه في ظل الظروف التي تمر بها البلاد يعتبر خطوة مقبولة علي الطريق نحو تسوية دخول العاملين خاصة أنه سيكلف ميزانية الدولة مع بداية تطبيقه في يناير المقبل بإذن الله ما يقرب من 20 مليار جنيه، وهو رقم ليس من السهل تدبيره في ظل توقف عجلة الانتاج خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأعود هنا للتساؤل من جديد: كيف يُقبل- وفي ظل ثورة تنادي بتحقيق العدالة الاجتماعية- أن يقترب راتب المواطن المعين حديثا من مرتب من زادت خدمته عن عشرة أو عشرين أو ثلاثين عاما ؟!..هل هذا معقول ؟!..هل هذه عدالة؟!..مثل هذه التساؤلات وغيرها قرأتها وسمعتها علي لسان كثيرين ممن علقوا علي قرار تحديد الحد الأدني للأجور ب1200 جنيه.. كلهم أبدوا دهشتهم من أن حكومة الدكتور الببلاوي لم تشر من قريب ولا من بعيد في نص القرار علي أن شريحة »الأوسط« سوف يتم تعويضها بصورة ما وذلك حتي تتحقق العدالة بين شرائح المجتمع . كان من الممكن أن »ألت وأعجن« كثيرا في هذا الموضوع وأيضا فيم يخص أصحاب المعاشات، ولكني أعلم أن مثل هذه القضايا ليست بعيدة بالتأكيد عن تفكير رئيس الوزراء ووزير المالية ، وأتصور أن قصر ذات اليد هو الذي جعلهم يتعمدون تجاهلها أو الخوض فيها ، ورغم هذا فإن الأمر يحتاج إلي إعادة الدراسة حتي لا يجد أصحاب هذه الشرائح أنفسهم مضطرين إلي تسوية أوضاعهم بأنفسهم بعيدا عن الحكومة وبطرق تزيد الفساد فسادا وكأنه لم تقم ثورة علي الفساد ولا دياولو! منحة العيد.. خبر كاذب ! رحم الله الرئيس الراحل أنور السادات.. عندما جاءته التقارير في وقت من الأوقات تقول إن حالة الناس تعبانة وأن الكساد والركود يسيطران علي الأسواق، بادر الزعيم المحترم باتخاذ قرار عاجل بمنح مرتب شهر لكل العاملين بالدولة..الناس لم تخبئ فلوس المنحة تحت البلاطة ولكنها سارعت بالنزول إلي الأسواق لشراء احتياجات الأولاد والأسرة بمناسبة العيد والمدارس ..فلوس المنحة الذكية تم ضخها في شرايين الاقتصاد .. الناس انبسطت.. المحلات اتنعنشت .. أهم ما في الموضوع أن الشعب شعر أن هناك من يحس بمعاناته. نفس الركود ونفس المعاناة تعيشها الأسواق والمحلات الآن ولايفكر أحد من المسئولين في اتخاذ قرار بضخ أي دماء في شرايين الاقتصاد..ولو كنت من رئيس الجمهورية أو من رئيس الوزراء لاتخذت قرارا مماثلا لما فعله الراحل المحترم أنور السادات...يعني خسارة في هذا الشعب الطيب بعد معاناة 3 سنوات اننا نفرحه بمرتب شهر علي المدارس والعيد ؟!.. ولا علي رأي المثل " في حزنكم مدعية وفي فرحكم منسية«..؟! رحم الله كرم سنارة ظروف عائلية قاهرة حالت بيني وبين المشاركة في تشييع جنازة أخي ورفيق رحلة العمل الصحفي الراحل المحترم الأستاذ كرم سنارة ابن البلد علي حق..لم يكن ملحق »قلب مصر « هو الذي جمعني بالعمل مع كرم ولكني كنت أعشق مشاركته في إخراج التحقيقات الصحفية..كنت أستمتع بالعناوين والمقدمات التي يكتبها كرم بيده..جمله بسيطة قصيرة قوية معبرة.. كانت عبقرية كرم الصحفية في البساطة التي كان يكتب بها وظهر ذلك بوضوح في عموده » دبوس« الذي كان يكتبه بشكل يومي في ملحق »قلب مصر«..لم يكن يتردد أبدا عندما أطلب منه إعادة كتابة مقدمة أو تغييرالعناوين لتحقيق من التحقيقات حتي لو كان هذا التحقيق يخص زميلا آخر.. وكما يقولون فقد كان للمرحوم كرم نصيب من اسمه.. ولا نستطيع أن ننسي كيف كان حريصا علي المحافظة علي» عزومته« الرمضانية التي كان يقدم فيها للزملاء - بكل كرم - ما تشتهيه الأنفس مما لذ وطاب من الطعام. رحم الله أخي كرم سنارة وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أسرته وأولاده وذويه ومحبيه الصبر علي فراقه. .. وسامي كامل بعد أن انتهيت من المقال بلغني خبر رحيل الزميل العزيز الأستاذ سامي كامل نائب رئيس تحرير »الأخبار« ومراسلها في المنيا بعد معاناة مع المرض الخبيث عافانا الله وإياكم من كل العلل والأمراض..اتسم الأستاذ سامي بدماثة الخلق والحياء والاحترام للعمل والزملاء..كثير من زملائنا من الجيل الجديد قد لا يعرفون عنه الكثير نظرا لأنه انتقل لظروفه العائلية إلي المنيا فلم يرونه وهو يعمل كما النحلة محررا برلمانيا متميزا في وقت كانت الحياة السياسية والحزبية أشد ما تكون توهجا..ألهم الله أهل الأستاذ سامي كامل وذويه الصبر علي فراقه.