قرأت بشئ من الاسي نسخة مشروع الدستور المعدل الذي تمخضت عنه اعمال لجنة الخبراء المنشورة بجريدة الوطن ورأيت فيها غيابا كاملا لتفعيل الضمانات القضائية للحقوق و الحريات الاساسية من خلال توسيع نطاق الرقابة السابقه علي دستورية التشريعات المتعلقه بالحريات العامه أو حتي تقرير لرقابة القاضي علي مطابقة التشريع للمعاهدات الدولية علي النحو الذي اقترحت وارسلته للجنة الخبراء العشرة. ومن المحزن كذلك ان اري في المشروع ذات نصوص دستور 2012 بلا تغيير في باب نظام الحكم رغم المثالب العلمية والدستورية التي تؤخذ عليها. ان التقدم الذي عرفه الفكر الدستوري الاوروبي في الثلاثين عاما الأخيرة كان من الممكن أن تنتفع به مصرنا العزيزة لو كان الاعضاء علي علم به. أود ان انبه علي وجه الخصوص الي ان النصوص الدستورية التي اريد بها تحصين بطلان الانتخابات بالابقاء علي مجلس نيابي رغم القضاء بعدم دستوريته او تحصين انتخابات رئاسية بالابقاء علي رئيس الجمهورية حتي نهاية مدته - وذلك رغم بطلان الانتخابات و انطوائها علي عوار يفضي الي بطلانها - انما تمثل عدوانا سافرا علي سيادة القانون وعلي دولة القانون. ان وجود أو حتي مجرد اقتراح هذه النصوص هو عبث وتجاهل لثورة يونيه التي قامت ضد مثل هذه النصوص التي اوردها الاعلان الدستوري المنكود الصادر في 22 نوفمبر الماضي. تكرارها هي أو امثالها عبث مقيت يتجاهل ارادة الشعب المصري و يغازل ارادة فصيل واحد اتخذ من البطلان ديدنا و من العمل المعدوم سمة عامة للحكم. لذا فلا انكر علي نفسي ميلا عادلا كاستاذ للقانون الدستوري نحو التحذير من كل اقتراح لنص دستوري يفضي الي استمرار مجلس نيابي حتي نهاية مدته رغم القضاء بعدم دستورية قانونه من المحكمة الدستورية العليا. كما ادين كل شكل من اشكال التحصين للانتخابات الرئاسية لا سيما باستمرار الرئيس في منصبه علي رغم مما قد يشوب الانتخابات من عوار وبطلان. ان هذا التحصين الدستوري ليس عنصرا للاستقرار كما يدعي الرأي الغريض وانما هو عنصر مؤدي الي عدم شرعية نظام الحكم و الاستهتار بهيبة اجهزة الدولة. اتعجب من ان لجنة الخبراء تمخضت فولدت فأرا ممسوخا خليطا من دستور 1971 و من دستور 2012 ولم تضف ما يتعين اضافته في النسخة المنشورة التي تداولتها الصحف وطرحت علي الرأي العام المصري بهذا الطريق!! هل صنعنا ثورتين حتي نصل الي هذا الهراء؟