هذه المرحلة التي تمر بها مصر منذ يناير 2011 ولعدة سنوات قادمة، هي بلا شك أهم وأخطر مراحلها في تاريخها الحديث كله، فعليها ومنها يتحدد مصير ومستقبل الدولة المصرية، في ظل صراعات دولية محتدمة تهدف إلي رسم خريطةٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ جديدة للعالم بأسره. وفي ظل الأحداث الجسيمة المتلاحقة التي يشهدها الوطن الآن، فإن الوقت لا يتسع والظروف لا تسمح بالاستطراد إلي التحليل والتعليق علي دور ومواقف القوي والأطراف الداخلية والخارجية، ومن هنا فإنني أعرض علي رئاسة الدولة رؤية قد تساعد مع الجهود الأمنية المبذولة، في سرعة إنقاذ الوطن واستعادة أمنه واستقراره، وتتلخص في الآتي : أولاً : سرعة عرض الدستور الذي انتهت من صياغته لجنة الخبراء، علي جمعيةٍ موسعة تُشكل بقرارٍ رئاسي، وتضم مائة وخمسين عضواً يمثلون كل أطياف المجتمع، ويؤخذ رأيها خلال يومين فقط، مراعاةً من الجميع للتحديات التي يواجهها الوطن، ثم يتم الإصدار كدستورٍ مؤقت، استناداً إلي الشرعية الثورية لرئيس الدولة، ودون اجراء الاستفتاء العام، اختصاراً للوقت وتقديراً للظروف الأمنية الراهنة. ثانياً : الدعوة لانتخابات برلمانية بعد ثلاثة أسابيع، علي أن تبدأ المحافظات والأجهزة المعنية، الاستعداد لذلك بصورةٍ عاجلة، ويُفضل أن يكون الانتخاب بالنظام الفردي فقط، لأن الشعب المصري يجيد فرز الأشخاص أكثر من اجادته فرز البرامج، وهذا ما يناسب تلك المرحلة الطارئة التي نجتازها. ثالثاً : الإعلان من الآن عن موعد الانتخابات الرئاسية، وفقاً لأحكام الدستور المؤقت الجديد، وبحيث يتم الإنتهاء من تلك الانتخابات قبل المواعيد المحددة بخارطة الطريق. رابعاً : تكليف الدبلوماسية المصرية، بمخاطبة العالم الخارجي عبر القنوات الدبلوماسية المفتوحة أو المغلقة، بخطابٍ مباشرٍ ومركز، يتضمن البنود التالية : [1- أن الشعب العربي بصفةٍ عامة، والمصري بصفةٍ خاصة، له طبيعةٌ ذاتية وموروثاتٌ ثقافية، تميزه عن سائر شعوب العالم، وتحتم علي كل من يريد التواصل معه أن يراعي خصائصه. 2- أن الجماعة المسماه بالأخوان المسلمين وكل التنظيمات التي وُلدت من رحمها، وإن كانت تشكل جزءاً من النسيج المصري بحكم الجنسية والموطن، إلا أنها ككيان اعتباري لم تكن في يومٍ من الأيام، تمثل الشعب المصري لا عدداً ولا منهجاً، رغم ما قد يُطرح من صورٍ زائفة أو مشاهد خادعة، وهي الآن وبعد أن كشف قادتها عن وجههم الأسود المريب وممارساتهم الدموية المتآمرة علي الوطن، أصبحت تواجه مصير الفناء المجتمعي، بعد أن استبان الشعب حقيقتهم التي كانت غائبةً عنه لعقودٍ طويلةٍ ماضية، وبعد أن ذاق مرارة تلك الحقيقة بما جري علي أرض الوطن يوم 28 يناير 2011 وبما يجري الآن، بل وبما يجري في العديد من الدول العربية الشقيقة. 3- أن مثل تلك الجماعة بهذا التاريخ وذلك المصير المحتوم، لايمكن التعويل عليها في أي بناءٍ سياسي أو تنظيم اجتماعي، رغم أن المجال سيظل مفتوحاً أمامها. وبالتالي فهي لا تصلح اطلاقاً لأن تكون متكئاً لأي أطراف دولية للتعامل مع الشعب المصري. 4- أننا نستطيع ادراك الأسباب الحقيقية، لتحفظ الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية تجاه ثورة 30 يونيو 2013 ونتفهم تماماً دواعي القلق والمخاوف لديها من سقوط حكم الجماعة والآمال التي كانت معقودةً عليها، وإذا كنا نحرص - بحكم مبادئنا ومكانتنا وحضارتنا العريقة - علي إزالة كل دواعي القلق والمخاوف لدي الجميع، فإننا نري أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال الحوار بشفافية والتفاوض بموضوعيةٍ وعدالة، وفي إطارٍ إقليمي يضم كل الدول المعنية. خامساً : الاستمرار في الجهود والاجراءات الأمنية المكثفة، التي تم اتخاذها لمواجهة أعمال العنف والتخريب والإرهاب التي يتعرض لها الوطن، مع تفعيل دور ورسالة الأزهر الشريف وأئمة الدعوة المعتدلين، لتصحيح المفاهيم الخاطئة لدي القاعدة العريضة من شباب جماعة الإخوان المسلمين، والدقة في اختيار الخطاب الإعلامي الموجه لهم، مع ابراز القدوة الصالحة في توجهات ورموز الدولة. حفظ الله مصرنا الغالية وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل،،