أصبح لدينا الآن رئيساً سابقاً لمصر .. ولكن ماذا عن رئيس مصر القادم.. من سيكون.. ومتي سيبدأ حملته الانتخابية. إن كل الشواهد علي الساحة السياسية حالياً لا توضح ملامح الرئيس القادم ولا يمكن التكهن أو التنبؤ باسمه الآن.. فالذين طرحوا أنفسهم للرئاسة بطريقة غير مباشرة خلال الأحداث الماضية لا يتوافر لديهم وحولهم نوعاً من الاجماع الوطني. ومازال المسرح مستعداً لظهور شخصية مفاجئة قد تكتسح في طريقها كل الشخصيات التي أحاطت بها حالة اعلامية مؤخراً أو التي حاولت أن تستقل قطار الثورة حتي يكون لها مقعد فيه تعلن من خلاله أنها أتت من رحم الثورة.. ويقيناً فإننا لا يجب منذ الآن أن نعلق مصير وطن بأكمله في قبضة شخص واحد. وألا نسمح مرة أخري بأن تتركز كل السلطات لدي الرئيس أو أن تتحول كل أجهزة ومؤسسات الدولة إلي مجرد سكرتارية لتلقي توجيهات وأوامر السيد الرئيس أو من ينوب عنه..! ولا أعتقد أننا في المرحلة القادمة سوف نسمع هذه العبارة التي ظلت تتردد في أسماعنا لعقود طويلة والتي تتركز في أن كل ما يحدث إنما هو بتوجيهات السيد الرئيس حتي أننا صدقنا أيضاً أن التجمع الثوري في ميدان التحرير للإطاحة بالنظام كان ايضاً بتوجيهات من السيد الرئيس..!! ولأن قضية الرئاسة هي قضية محورية تحدد أيضاً إلي حد كبير معالم التغيير في مصر المستقبل فإننا ينبغي ألا نتعجل كثيراً في اجراء الانتخابات الرئاسية وحتي الانتخابات البرلمانية قبل أن تهدأ وتستقر أوضاع الداخل وتستقيم بنية الدولة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. فالأحزاب والتنظيمات السياسية الحالية تحتاج إلي مزيد من الوقت لترتيب أوضاعها وتهيئة كوادرها وتنظيم صفوفها قبل الدخول إلي ساحة المواجهة التي قد تضيع فيها أمام جماعات أخري أكثر تنظيما استعدت لهذا اليوم بالعمل السري خلال عقود طويلة مضت وأصبحت جاهزة لجني الثمار وحصد ما حققته الثورة في شكل سيطرة علي المجالس النيابية والمحلية. كما أن قضية الرئاسة والإصلاحات الدستورية والانتخابات البرلمانية قد لا تحتل الأولوية الآن بقدر ما نشعر أن الاستقرار الأمني هو المطلب الأكثر إلحاحاً وضرورة لكي يمكن أن تنطلق الثورة نحو التغيير للأفضل بثبات ودون تردد. فمازال الغياب الأمني واضحاً. ومازالت الأوضاع الاقتصادية نتيجة لذلك تشهد اضطرابا وتراجعاً. فلا البنوك عادت إلي العمل بكامل قوتها. ولا البورصة قادرة علي اتخاذ قرار حقيقي بالعودة وتنتابها الكثير من المخاوف في أن العودة حالياً في ظل حالة القلق والترقب قد تسبب انهياراً لمصالح الكثير من المستثمرين وقد تسبب هبوطاً أكبر في قيمة الجنيه المصري بما يدفع أسعار السلع والمنتجات الغذائية للمزيد من الارتفاع بدلاً من التراجع والانخفاض. إننا نمر بمرحلة ما بعد الثورة. وهي أخطر المراحل التي تظهر وتنشط فيها القوي المضادة للترحم علي الماضي والتحذير من المستقبل. وهي في هذا لا تعمل من أجل صالح الوطن. بقدر ما تنحسر علي مصالحها الخاصة التي لم تعد متوافقة مع متطلبات وقواعد المرحلة الجديدة. والتي لا يمكن أن تستمر لفترات طويلة مهما أبدت من مهارة وقدرة علي التكون والسباحة مع التيار. وسنظل إلي أن يحدث هذا الاستقرار المطلوب نبحث ونحلل ونتوقع ونتساءل عن شخصية الرئيس القادم ومؤهلاته وصفاته. لأن أي رئيس سيظل رمزاً ومعياراً لنجاح التغيير. وستظل سماته الشخصية تمثل إلهاما ونموذجا لمن حوله للاقتداء به. وسيظل يحدونا الأمل في أن نري رئيساً جديداً لمصر قادراً علي التفاعل مع شعبه بعيداً عن بطانة السوء من المنتفعين والمتسلقين الذين ما اجتمعوا في أي عصر من العصور حول سلطان مهما بلغت درجة صلاحه ونزاهته إلا وأفسدوه..!! ** ملحوظة أخيرة: الشعب يريد .. الشعب يريد أن يشعر بالرخاء..