تكاد لا تجد عراقياً عربياً لا يحفظ مئات النكات والتشنيعات عن العراقيين الاكراد! ولا يجلس مسئول عربي أو أجنبي مع الرئيس العراقي الكردي جلال الطالباني إلا ويبدأ الأخير ممارسة هوايته المفضلة في افراغ ما في جعبته من نكات عراقية عربية علي الاكراد وعلي شخصه بالذات. والاكراد في هذا يشبهون ما نجده في اقطار عربية أخري من قيام أبناء محافظات بشن حملة ضحك علي أبناء محافظات معينة تتهمهم بالسذاجة أو حسن النية الزائدة عن الحد! لكن هذا لا يمنع ان الاكراد أنفسهم ينكتون ويشنعون علي العرب العراقيين، بل ويعيدون تغليف نكات عربية ويصدرونها الي إخوانهم العرب في العراق. والنتيجة ان الشعب العراقي مثل غيره من الشعوب يجد متسعاً من الوقت للسخرية من مشاكله والاحتلال والحكومة والفساد والتطرف الديني الذي وصل الي منع الغناء والموسيقي وحلاقة اللحي وشرب الماء المثلج وتعبئة اطارات السيارات بالهواء! واذا كان الجميع سمعوا بالدعوات المتطرفة الي منع الغناء والموسيقي وحلاقة اللحي والسوالف فإن قليلين سمعوا بمنع شرب الماء المثلج في الصيف بحجة ان المسلمين في صدر الدعوة والفتوحات لم يكونوا يشربون الماء المثلج! أما تحريم تعبئة اطارات السيارات بالهواء فيعود الي ان من يفعل ذلك يقوم بحبس هواء الله عن الكائنات الحية في انابيب الاطارات! ومعرض بغداد الدولي الأخير الذي اغلق ابوابه قبل ايام كان مناسبة لابتكار نكات وتداولها عن الوزراء الذين اكتفت اجنحة وزاراتهم بتعليق صورهم وصور المديرين العامين التابعين لهم علي الجدران مع نماذج مكتوبة من تصريحاتهم عن انجازاتهم الوهمية وخططهم للمستقبل اذا اعيد استوزارهم في الحكومة العراقية المقبلة، بينما غابت أي صناعات أو منتجات أو خدمات مميزة بحجة انعدام الأمن! ومعرض بغداد الدولي هو المعرض الدولي الوحيد في العالم الذي يسمح بدخول وتجوال المتسولين بين الاجنحة والطرقات.. وحسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة! حتي ان أحد أصحاب القرار اقترح تخصيص جناح للمتسولين يعرضون فيه آخر مبتكراتهم في الشحاذة كالدعاء للمحسنين بالنجاة من الانفجارات والخطف والاغتيال! واعترضت وزارة حقوق الانسان العراقية علي محاولات بعضهم لطرد المتسولين من المعرض لانهم يسيئون الي حضارة بابل وآشور وسومر ونوري المالكي، وقال مندوب عن الوزارة ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان كفل حرية المتسولين في التسول والتجول والتبول في المعارض الدولية! وفي الوقت الذي خلت فيه معظم الاجنحة العراقية من منتجات صناعية أو زراعية ملفتة، انتشرت علي الجدران منجزات أخري من نوع "اشرب وانتعش"! فرئاسة الوزراء عرضت بضاعتها المفضلة وهي دولة القانون المكيفة والديمقراطية المزركشة والنزاهة المكشكشة. بينما عرضت الاجهزة الامنية بفخر وشموخ أحدث تقنياتها في انتزاع الاعترافات بدون ألم باستخدام أدوات وآلات مستوردة من الشقيقة جمهورية ايران الاسلامية الديمقراطية النووية! أما مجلس النواب العراقي فقد تفاخر بما عرضه من امتيازات يحصل عليها السادة النواب الديمقراطيون النزيهون من جوازات سفر دبلوماسية لهم ولكل أفراد عوائلهم لمدة عشر سنوات ورواتب مليونية وسيارات حماية مدرعة ونظارات شمسية أمنية انيقة وحقائب لها جيوب سرية لتهريب الدولار الامريكي والباوند الاسترليني والين الياباني والتومان الايراني. أما منظمة القاعدة فقد عرضت لاول مرة أحدث ابتكاراتها من السيارات المفخخة المكيفة "الصالون والفور باي فور" والعبوات اللاصقة التي تعتبر فخر الصناعة الايرانية والاحزمة الناسفة ماركة "سبايسي بالمايونيز". لكن جناح دفاني الموتي "الحانوتية" في المعرض كان لافتا للانظار أكثر من سواه، وقد تصدرته صورة كبيرة لنقيبهم المعلم جورج بوش القصري! كاتب المقال: كاتب عراقي