أخيرا - وبعد حيرة وغموض - أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عن الطرود الملغومة - أو المفخخة - التي تم شحنها من اليمن علي طائرات متجهة إلي الولاياتالمتحدة ودول أوروبية - ومنها طرد ملغوم وصل إلي مكتب المستشارة الألمانية ميركل - وأثارت حالة من الفزع والخوف من عودة الإرهاب بهذه الصورة.. وكانت هناك معلومات قد تلقتها المخابرات المركزية الأمريكية من المخابرات السعودية في يوليو تحذر من قيام تنظيم القاعدة بمحاولات لإسقاط طائرات أمريكية قبل كشف عملية الطرود المفخخة.. وبعد ذلك في أكتوبر نقلت السعودية تحذيرات أخري إلي أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية عن سلسلة من التفجيرات علي طائرات متجهة إلي الولاياتالمتحدة عن العواصم الأوروبية، وقدمت معلومات بأن القاعدة في اليمن انتهت من التحضير لتلك الاعتداءات.. وكشفت التحقيقات عن أن المتهم الرئيسي في اعداد هذه الطرود المحشوة بالمواد المتفجرة هو ابراهيم العيسوي »السعودي« أحد القياديين في تنظيم القاعدة.. ولولا معلومة وصلت إلي المخابرات السعودية لما انكشفت الكارثة التي كان يمكن أن تؤدي إلي تفجيرات في الطائرات والجهات المرسل إليها الطرود! وكما يبدو فإن تنظيم القاعدة أراد من عملية الطرود المفخخة ان يكرر هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالطائرات ويثير حالة من الفزع بعد الضربات التي تلقاها وتضييق الخناق عليه وإجهاض عملياته الإرهابية.. فقد صار التنظيم مفككا ومتشرذما إلي خلايا منتشرة في بؤر مثل: تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والقاعدة في بلاد الرافدين، والقاعدة في اليمن، والقاعدة في المغرب العربي »موريتانيا بالذات« وقد خرجت من تحت عباءة تنظيم القاعدة! فإن رأس التنظيم أسامة بن لادن يتنقل مطاردا ومتخفيا في منطقة القبائل علي الحدود الباكستانية وباقي أعوانه هربوا إلي مناطق أخري ولم تعد لهم السيطرة علي الخلايا النائمة للتنظيم والمتناثرة، وخصوصا بعد سقوط وقتل معظم قيادات القاعدة في الغارات الجوية الأمريكية والضربات التي تلقتها معاقلها في أفغانستان ومخابئ جبال تورا بورا.. ولم يعد هناك وجود لأسامة بن لادن زعيم التنظيم غير هذه الرسائل الصوتية التي يبثها بين الحين والآخر وآخرها رسالة التهديد التي وجهها الي فرنسا - بعد اختطاف القاعدة للرهائن الفرنسيين في النيجر - وتوعد فيها بعمليات اخري ومما أدي إلي حالة الاستنفار الأمني التي تعيشها باريس.. وحتي يؤكد بقاءه علي قيد الحياة.. ويتضح ذلك من عملية الطرود المفخخة الأخيرة التي خرجت من صنعاء.. وقد تتخذها واشنطن ذريعة للتدخل في اليمن وتوجيه ضربات جوية إلي بؤر القاعدة الموجودة هناك، وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية وتعلن عن قدرتها علي مواجهة القاعدة ومطاردة عناصرها! وبنظرة فاحصة فقد تم اكتشاف أكبر عدد من الطرود الملغومة في أثينا وكانت موجهة إلي سفارات دول اوروبية ومنزل الرئيس ساركوزي في باريس ومقر رئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني، وهو ما يعني ان القاعدة تهدف إلي اثارة حالة من الرعب في الدول الأوروبية بعدما انحسرت موجة الإرهاب.. وكانت عملية الطرود الملغومة تستهدف ايضا منشآت في الولاياتالمتحدة وتم ارسالها من اليمن إلي قطر ثم الي دبي للتمويه علي التفتيش في المطارات.. وحسب بيان القاعدة فقد تعهد بشن مزيد من الهجمات علي أمريكا.. والملاحظ باختبار الطرد الملغوم في دبي قدرته علي تفجير طائرة وتفتيتها في الجو.. وتبين ان القنبلة ليست من صنع هواة وتحمل بصمات محترفين! وهو ما يتطلب الحذر واليقظة الدائمة لمواجهة عمليات إرهابية غير متوقعة واجهاضها، فإن رأس الافعي مازال موجودا رغم قطع ذيلها!