لا شك أن المعارضة هي جزء لا يتجزأ من أي نظام سياسي، لها حقوق وعليها واجبات، المعارضة هي جهة الرقابة والمساءلة وهي رمانة الميزان الذي يختل بدونها أي نظام حكم لدرجة أن الكثيرين من أساتذة العلوم السياسية اعتبروا أن المعارضة هي الركن الرابع لمكونات أي دولة " الأرض - الشعب - الحكومة - المعارضة". وبإسقاط هذه المقدمة علي مصر الثورة والدولة نجد أننا نعاني خلالاً كبيراً في الركن الرابع لمكونات الدولة حيث لا توجد معارضة بالمعني السياسي أو القانوني، وإنما هي أجزاء وكسور لا ترتقي للواحد الصحيح، شركاء متشاكسون وفرقاء يتآلفون تجمعهم الخصومة للرئاسة والحكومة ولا تجمعهم رؤية ولا برنامج ولا بدائل، الغاية عندهم تبرر الوسيلة وبالتالي فلا مانع من الوقوف في أي مربع ومع أي خصم للرئاسة والحكومة، مع بقايا نظام المخلوع الفاسد؟ لا مانع! مع أرباب السوابق والبلطجة وشبكات الفساد؟ لا مانع! مع أصحاب المال السياسي الحرام؟ لا مانع! بل مع خصوم مصر الثورة والدولة؟ أيضاً لا مانع! وبالتالي نحن أمام حالة سياسية غير مسبوقة في النظم الديمقراطية الوليدة أو العتيقة، المعارضة الحالية أشبال وأشباه لا ثقل شعبي ولا وزن نسبي، تعتمد علي الغبار الإعلامي الكثيف الذي يحاول حجب الرؤية وتشويه المشهد لدرجة أفقدت الإعلام حرفيته ومهنيته حين اختلط نقل الأخبار وعرض الحقائق بالأوهام والأكاذيب وحين تحول مقدمو البرامج إلي ساسة ومفكرين ومحللين وخبراء، لذا وبكل يقين لن تحقق هذه المعارضة أي نجاحات لأنها لا تملك أي بدائل أو حلول بقدر ما تملك تشويه كل شيء وأي شيء وبأي ثمن، علي الطرف الآخر الرئاسة والحكومة تتحرك ببطء غير مرض وتعاني حالات متكررة من الإخفاق لكنها تتحرك إلي الأمام، تعمل في ظروف قاسية؟ لكنها تعمل، لم تحقق طموحات الشعب لكنها تنجز، بها وزارات ناجحة في التعليم والتموين والشباب والخارجية والدفاع وبها وزارات تتعافي لكنها بحاجة للمزيد من الوقت في الداخلية والإعلام والإدارة المحلية لاعتبارات عقود الفساد والاستبداد والقمع، الناس في حيرة؟ نعم! لكنها حتما ستزول وقريباً، الناس متخاصمون ومتشاكسون لكنهم سيتجمعون اليوم أو غداً، لذا يجب علي الرئاسة والحكومة أن تستكمل المسيرة في العمل والإنجاز والصبر والمقاومة، عليها ألا تلتفت لشروط من لا يملك فكراً ولا جمهورا ولا بدائل سوي الصراخ الإعلامي الباهت، المعارضة لا تملك رئيساً ولا وزيراً ولا محافظاً يتحمل المسئولية في هذه المرحلة الحرجة والتي يغلب فيها الفشل علي النجاح، لكنها تملك وبكل جرأة تشويه الرئيس والوزير والخفير دون خجل، يجب ألا ننزعج من التظاهرات والإضرابات والهتافات والشعارات فكلها بالونات خاوية ،علينا أن نواصل المسير وعلي من يجد في نفسه الكفاءة فليتقدم وليزاحم بفروسية ونبل، الطريق طويل وصعب لكن مصر الكبيرة القديرة تستحق ركوب الصعب ... حفظك الله يا مصر.... كاتب المقال: المستشار الإعلامي لوزير التربية والتعليم