اليوم يشهد ميدان التحرير حشدا يرفع شعارات الثورة لكنه ضدها بضراوة، تتردد كلمات مثل التطهير والتقويم والثأر للشهداء، غير ان هذه المعاني والكلمات تستهدف عكس منطوقها ومعانيها المجردة تماما. عملية هدم الدولة المصرية وتقويض مؤسساتها مستمرة وبإصرار. يتم تبادل المواقع بين من يقومون بها، مرة يختفي هذا ويظهر ذاك، الآن لا مجال لتبرير أي عمل يتم من أجل تحقيق هذا الهدف. تقويض الدولة المصرية من أجل ذلك ترفع شعارات كاذبة. ظاهرها مغاير تماما للهدف الحقيقي منها، مثل القول بتنفيذ أهداف الثورة، والقصاص للشهداء، المثير ان من يقولون ذلك بمسحة من ورع وادعاء فج للثورة والطهارة يمارسون عكس ما ينطقون به، فهم يدوسون القانون، ويؤسسون للفوضي، ويغتالون الشباب الثوري الحقيقي ولعل أبرزهم خلال المرحلة الاخيرة محمد الجندي، اليوم يجري استكمال ما بدأ يوم ذلك المشهد الذي سيصبح من اللقطات الدالة علي مرحلة عندما بدأ حصار المحكمة الدستورية بالغوغاء من انصار حازم أبو اسماعيل. اليوم يحتشد بعض انصار الاحزاب ذات التوجه الاسلامي، لا فرق بين انصارحازم وانصار الوسط، الهدف واحد هو تقويض الدولة المصرية لتأسيس الدولة البديلة أو النظام البديل الذي لم تظهر ملامحه بعد، كل ما نعرفه أنه يتمسح بالدين، ما بديل القضاء المصري الذي يطالبون باسقاطه اليوم؟ ما يطرحون الاجراءات لتقويضه، لهدم أهم ما أنجزه المصريون منذ تأسيس الدولة الحديثة علي يد محمد علي باشا، مرة يتهمون القضاء بالتقاعس وهذا تدخل فاحش في تطبيق القانون، ومرة اجراءات تتخدها السلطة التنفيذية ضد سلطة القضاء الموازية وليست التابعة، القضاء ليس مرفقا من مرافق الدولة لكنه سلطة مستقلة وكلما ترسخ الاستقلال قويت الدولة وزادت الضمانات للمصريين وأول من تحقق له ذلك اولئك الذين يتظاهرون ضد القضاء اليوم، كثير منهم أفرج عنه القضاء في الماضي لان الادلة لم تكن كافية، أو لان التحريات ناقصة، وقد يحدث ذلك في المستقبل القريب، الشعارات التي تتردد منذ ايام حول فساد القضاء والانتصار للثورة والثأر للشهداء استغلال رخيص لدماء الشهداء وقلب للحقائق وتزييف بينّ للمعاني النبيلة بهدف تقويض القضاء المصري تمهيدا للفوضي وزمن اللا قانون.