صبرى غنيم لا يختلف أحد علي أن اتحادات الملاك أصبحت حبرا علي ورق، وقد فقدت قوتها لأنها لم تجد من يحصنها فأحدثت تفككا بين سكان العمارات، فريق منهم يسدد ما عليه من التزامات وفريق آخر يطنش ويرمي بحمله علي جيرانه.. ويبدو أن ما يحدث في عمارتنا يحدث في عمارات أخري وكأن قانون اتحاد الشاغلين فقد هيبته أمام ملاك الوحدات.. - لا أعرف لماذا الطناش في القضايا المصيرية التي تتعلق بالأرواح، إذا كانت التقارير الفنية للأسانسيرات في أي عمارة تؤكد أن هناك خطورة علي الأرواح من استخدامها، ماذا تتوقع من سكان العمارة.. من الطبيعي أن مثل هذا الموقف لا يستحق السكوت أو أن نعطي ظهورنا ونطنش، العاقل هو الذي يخاف علي روحه وروح أولاده ويطرق جميع الأبواب حتي ولو قام بدور المسحراتي وأيقظ كل السكان علي هذه المشكلة، وخاصة عندما تكون التقارير الفنية من جهة محايدة ليست صاحبة مصلحة في تحقيق مكسب تجاري من هذه القضية .. - بالله عليكم لما شركتين من كبري شركات تركيب وصيانة المصاعد تقوم كل منهما بتكليف من السكان بمعاينة حالة الأسانسيرات وتتم المعاينة علي حدة حتي لا يكون هناك شبه إتفاق بينهما ويأتي تقرير كل منهما مطابقا لحالة الخطورة في المصاعد وأن برا شوت الإنقاذ في أحداهما معطل والثاني قضبانه الحديدية التي يجري عليها غير أمينة، وأن وسائل الأمان في المصعدين غير متوفرة، ويعلن السكان بهذين التقريرين ومع ذلك تجد برودا من بعضهم.. وتجاوبا ضعيفا من البعض الآخر بالله عليك ماذا تفعل مع هؤلاء الممتنعين .. - أحكي هذه الحكاية لأنني أعيش فيها علي اعتبار أن ما يحدث في عمارتنا يحدث في عمارات الغير، وقد سمعت حكايات وحكايات عن سكان بيوتهم من الداخل مثل القصور ويرفضون تغيير لمبة الكهرباء علي باب شقتهم علي اعتبار هذه اللمبة مسئول عنها اتحاد الملاك، وسكان مثلهم يسكنون نفس القصور داخل شققهم ومع ذلك صفيحة الزبالة تغوص فيها القطط علي باب شقتهم.. ربما تكون هذه التصرفات سببها افتقاد روح الجيرة بين الجيران، وهذه حقيقة فأنت لا تعرف جيرانك الا في داخل الأسانسير عندما تلتقي بهم مصادفة، وأذكر أن أحداث الأيام الأولي لثورة يناير كانت سببا في تعارف السكان لبعضهم عندما فرضت عليهم الأحداث تشكيل اللجان الشعبية من بين السكان فتعارف الكثيرون علي بعضهم.. أما خلاف ذلك مناسبة دينية او قومية يطرقون فيها أبواب بعضهم وهي سمات لا تدخل في طبيعة المصريين المعروف عنهم الود . - لذلك تجدني أشفق علي كل من تطوع وشمر عن ذراعيه وتولي مسئولية ادارة اتحاد السكان، ولنا تجربة فقد تطوع جاري المستشار مهدي فتح الله والذي كان مساعدا لوزير الخارجية وسفيرنا السابق في تونس وحاليا الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي وقد تولي ادارة الاتحاد وكان يحلم بالارتقاء بمظهر العمارة وتحسين الخدمات فيها وأعتقد أنه بأسلوبه الدبلوماسي وبأدبه الجم يستطيع أن يؤثر في الممتنعين عن سداد مصاريف الصيانة وكانت النتيجة أن ألقي بالكرة في ملعب الأستاذة عزة نصر والتي كانت وكيل وزارة التعاون الدولي وسلمها ادارة الاتحاد علي أنها سيدة قد تكون مؤثرة في جمع شمل السكان وإدارة العمارة وأخشي أن تنسحب هي الأخري بعد كارثة المصاعد التي تحتاج الي قرار سريع قبل ان نندم علي اللبن المسكوب .. صحيح أن عددا من السكان ترك العمارة في صمت وانتقلوا الي مدينة أكتوبر وهذا حقهم، لكن طالما أنهم يحتفظون بشققهم فهم ملتزمون مثل المقيم . - للأسف قانون اتحاد الشاغلين أعطي لرئيس الاتحاد حق اللجوء الي قاضي الأمور المستعجلة لاستصدار حكم بالحجز الإداري علي كل من يثبت امتناعه عن سداد مصاريف الصيانة والقانون أعطاه حق قصر استخدام الأسانسيرات علي السكان المنتظمين في السداد بواسطة مفتاح لكل ساكن أو ميدالية مفاتيح بعدد أفراد أسرته، ومع ذلك لم يلجأ معظم رؤساء الاتحادات لاستخدام هذه الحقوق ربما لانهم لا علم لهم بها أو لأنهم يبقون علي علاقات الود مع جيرانهم وأنا شخصيا من المؤيدين لهذا الرأي لان العلاقة الطيبة مع الجار هي الأهم . - لكن من الواضح أنه لم يعد أمامنا الا محافظ الجيزة ونحمد الله أنه من علماء العمارة فالدكتور علي عبد الرحمن استشاري له حجيته أمام القضاء علي اعتبار أنه من أكبر الاستشاريين المعماريين في مصر ويستطيع أن يأخذ قرارا إما بتشميع مداخل الاسانسيرات منعا لمصيبة أو تكليف إحدي الشركات بالإصلاح علي حساب السكان ومن لا يدفع تتخذ المحافظة إجراء قانونيا في التحصيل مع الغرامة والفوائد مع أن القرار عندما يتم تنفيذه بمعرفة السكان أفضل وأوفر من تنفيذه بمعرفة المحافظة.. لكن حماية الأرواح هي الأهم في نظر المحافظ . - علي اي حال هذه القضية هي قضية كل عمارة سكنية في مصر.. هل من طريقة مثلي في تحصيل مصاريف الصيانة لنحمي الثروة العقارية من تدهور الصيانة فيها.. لماذا لا نستفيد من تجارب الذين سبقونا ولتكن صيانة المباني في انجلترا قدوتنا، علي الأقل نضمن مبانينا نظيفة وسليمة تتحدي متغيرات الطبيعة المهم ان نتوحد ويكون في داخلنا الانتماء والاستعداد.