حال سكان الرحاب، حال المضطرب الخائف، الذي يقدم رجلاً ويؤخر أخري، وهم معذورون في أحاسيسهم المخنوقة، فمن سنوات طويلة منذ كان هشام طلعت مصطفي إمبراطورًا لا يقوي أحد علي مخالفته وهم يتقدمون باحتجاجات وشكايات ومحاولات جادة وحضارية للحوار مع قادة وزعماء مجموعة شركات طلعت مصطفي باعتبارها من تدير مشروع مدينة الرحاب، نحاول أن ننقل آهاتهم إلي الرأي العام، أدرنا معهم حوارًا من داخل المدينة تنشره «الدستور» لاحقا. هذا الأسبوع أرسل لي نشطاء مدينة الرحاب من ملاك الوحدات السكنية والفيلل والمحال التجارية رسالة جديدة تنطق بالسخرية عنوانها «ارتفاع مصاريف الصيانة هذا العام» !! والزيادة ليست الأولي من نوعها، فهي تتزايد طرديا كل عام تقريبا، ربما لتغطية نفقات السيارات الجديدة لموديل العام سنويا والتي يتم شراؤها سنويا لكبار المسئولين!! أو لتغطية فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفي!! يقول بعض أصحاب تلك الوحدات السكنية متهكمًا: يبدو أن يوسف بطرس غالي كان في زيارة لمدينة الرحاب وأوصي السيد وزير مالية الجهاز ببعض التوصيات من أجل سد العجز في ميزانية المدينة. ففي العهد القريب قفز سعر البنزين قفزة نوعية من 110 قروش إلي 175 قرشًا مما أدي إلي انفلات غير عادي في أسعار كل شيء في البلد. أما علي مستوي مدينتنا الجميلة فقد قام السيد وزير مالية المدينة برفع سعر المتر صيانة تقريبًا 3 جنيهات عن العام الماضي وبالنظر إلي معدل الزيادة، ففي عام 2002 نجد أن سعر المتر كان 5.40 جنيه بينما وصل في عام 2009 إلي 8.35 جنيه وأخيرًا هذا العام أصبح 11.35 وهكذا نجد أن الزيادة هذا العام تعادل الزيادة في خلال 7 سنوات ماضية وهي قفزة عالية جدًا غير مفهوم سببها بالرغم من تراجع جميع أعمال الصيانة. فمسح سلم العمارة مثلا أصبح مرة واحدة في الأسبوع بدلاً من مرتين وأحيانا يطنش العامل أسبوعًا!! جمع القمامة أيضا بدأ العمال في التتنطيش أحيانا!! أفراد الأمن مختون معظم الأوقات، والمشكلة أن إدارة شركة الرحاب تتعامل بالقطاعي مع طلبات وحاجات الملاك الحقيقيين أصحاب الوحدات السكنية من الشقق والفيلل والمحال التجارية، أحد هؤلاء اشتكي من ظاهرة عدم وجود أفراد الأمن بشكل كاف أمام العمارات والفلل، تفضلت الإدارة بتخصيص فرد أمن له شخصيا يقف علي باب فيلته!! لا يريد المسئولون في شركة مدينة الرحاب الوصول لحلول جذرية حقيقية للمشكلات التي يعانيها الُملاك، ويبقي التساؤل المشروع عن أسباب زيادة مصروفات الصيانة رغم تدهور الخدمة أصلا، فضلا عن استلام الشركة ودائع مالية مقدما المفترض أنها تخصص للصرف من ريعها علي الصيانة بشكل دائم. والحقيقة إنني أدعو سكان الرحاب إلي الامتناع عن دفع وسداد فروق الصيانة التي تقوم إدارة الشركة بتحصيلها بغير وجه حق، وأتضامن مع الذين يتجهون لهذه المواجهة القانونية المشروعة، فجهاز المدينة فعلا غير مختص بتحصيل أي مبالغ من المُلاك، لأن مجموعة شركات طلعت مصطفي التي كانت الطرف البائع في عقود البيع للوحدات لم تقم حتي الآن بتكوين شركة إدارة رغم انتهاء المواعيد القانونية المقررة في هذا الشأن طبقا لنص المادة 158 من اللائحة التنفيذية لقانون اتحاد الشاغلين وعليه فإن الجهاز الحالي ليست له صفة قانونية تسمح له بتحصيل أي مبالغ بل يشاركه المخالفة المنمي العقاري (الشركة العربية للاستثمار والتطوير العقاري) بسماحها له بذلك ومحاولة الالتفاف حول القانون وخداع الملاك للسيطرة علي موارد ومقدرات المدينة واستمرار استغلالها تجاريا، أيضا انخفاض تام في مستوي الخدمات الملزمة بها شركة الإدارة و هو ما يبدو واضحا للجميع ويقر به مسئولو الجهاز وارتفاع غير مبرر لمطالبات فروق الصيانة، وأخيرًا فهذه المطالبات المتزايدة سنويًا هي مطالبات مبهمة، لا تدعمها أي موازنات متوقعة أو ميزانيات معتمدة من محاسب قانوني توضح الإيرادات والتكاليف الفعلية التي يحاسب علي أساسها، هذا الكلام قانوني في الصميم يدعم أي إجراءات قانونية قد يلجأ إليها الملاك في الامتناع عن دفع هذه الفروق المبالغ فيها، وجعلها تحت رقابة قضائية، طالما أن الجهات المسئولة في الدولة تضرب صفحا عن مشاكل سكان مدينة الرحاب وملاك وحداتها. وقد يقول قائل وماذا لو «تم قطع المياه عن المنزل لعدة أيام مع أهمية المياه في المنزل خاصة من لديه أطفال ويحتاج استخدام الماء في النظافة وأعمال المطبخ والحمام.. إلخ إلخ؟»، وماذا لو «تمت مضايقات أهل المنزل من مندوب الجهاز وأفراد الأمن بالمطالبات والمصاريف الإدارية أو التلفظ بكلمات ليست في سياق الذوق العام؟» وماذا لو «تم فصل الكهرباء أو ما شابه ذلك؟». أعتقد أن إدارة جهاز المدينة لن تكون لديها الشجاعة في الإقدام علي مثل تلك الخطوة، لأنها بالتأكيد ستتحول وبالاً عليها، ووقتها يصبح الاعتصام في شوارع وطرقات المدينة إجراء مشروعًا والإضراب ودعوة كل وسائل الإعلام المختلفة لنقل وقائع ما يحدث هناك، وأيضا سيكون لدي الجهات الأمنية المبرر المشروع للتدخل لبحث الأزمة والسعي إلي حلها، المسألة تحتاج إلي شجاعة في التصرف ونبذ الخوف والخور، يحتاج المواطن المصري إلي الثقة بنفسه وفي طاقته وفي عدالة موقفه لينزل إلي الشارع ويطالب بحقوقه، فقد علمتنا الدنيا أن الحقوق تؤخذ غلابًا.