يخطئ المسئولون في مجموعة طلعت مصطفي إذا تصوروا أن سكان مدينة الرحاب الذين دفعوا "دم قلوبهم" سيظلون علي صمتهم تجاه الانهيار في مستوي الخدمات وتردي الأحوال والمآسي التي يتعرضون لها والإرهاب الذي يتعرض له السكان من "الصيع" و"البلطجية" الذين سيطروا علي الأوضاع وحولوا المدينة إلي نموذج تنتعش فيه كل مظاهر الفساد. وإذا كان مسئولو المجموعة يضعون أيديهم علي قلوبهم وهم ينتظرون جلسة محكمة النقض التي ستنظر في طعن هشام طلعت مصطفي ضد الحكم بإعدامه في فبراير المقبل في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، ويعرفون أن مصير الطعن سيفرض عليهم، مهما كان الحكم، إنفاق ملايين الجنيهات علي حملات إعلانية لتلميع صورة المجموعة التي تنفذ مشروعاً آخر أطلقت عليه اسم "مدينتي" بعدما "لهفت" أموال سكان الرحاب وألقت بهم في أحضان الإهمال وأعمال التحرش وسوق البلطجة في مدينة الرحاب. فإن المؤكد أيضاً أن "السمعة" التي نالتها مدينة الرحاب وبدأت في الانهيار تحتاج منهم إلي اتباع أساليب أخري غير تلك التي تتبعها المجموعة الآن. صحيح أن الإعلانات قد تخدع البسطاء، لكن كلام سكان الرحاب وصدمتهم والمآسي التي يعيشونها في المدينة تنتقل إلي عموم الناس، فيكتشفون أن الصورة الوردية التي تعرضها الإعلانات ليست في الحقيقة إلا حياة كارثية موجعة، وأن الهدوء ما هو إلا ضجيج، وأن النظام ليس سوي فوضي عارمة، وأن الجمال تحول في الواقع إلي قبح، وأن الرفاهية أصبحت "بهدلة" وقلة قيمة. اكتشف سكان الرحاب أن الأموال التي دفعوها لشراء وحداتهم السكنية شققاً وفيللات خسروها لأنهم لم يشتروا حوائط وأسقفاً وأرضيات وإنما صدقوا ما سمعوه وشاهدوه في الإعلانات وحين انتقلوا للعيش في مدينة بدت وكأنها واحة استقطبت البلطجية والخارجين عن القانون، وأن سلوكيات المجتمع المتحضر التي حلموا بها وصدقوها ظلت في أحلامهم، حيث تحولت شوارع المدينة إلي مرتع لهواة ومحترفي سباقات السيارات والدراجات النارية بما يهدد حياتهم ويعرض سلامة أبنائهم للمخاطر. رويت من قبل معاناة ومأساة سكان شارع عمرو بن العاص القريب من منطقة المطاعم وكيف "كذب" مسئولو مجموعة طلعت مصطفي علي العبد لله وخضعوا لابتزاز أصحاب المقاهي والمطاعم وتركوا الجزيرة الوسطي في الشارع دون سد فتحاتها ليتحول الشارع ليلاً إلي ساحة للتحرش وأعمال البلطجة، ومسرح للمشاجرات والمعارك بين "الصيع" الذين اجتذبتهم المدينة من كل مكان. واليوم أتحدث عن عملية نصب تعرض لها السكان في المدينة حين طلب منهم سداد مبالغ مالية سنوية لينالوا تصاريح للدخول من بوابات المدينة وعرفوا أن الهدف "البريء" هو ضبط دخول الزوار والحصول منهم علي مقابل مادي للحد من الأعداد التي تتدفق يومياً علي المدينة. واكتشف السكان لاحقاً وبعدما سددوا ثمن بطاقات الدخول أنهم وحدهم سددوا وأن زوار المدينة يدخلونها مجاناً وتفتح لهم البوابات دون مقابل، صحيح أن المسئولين في مجموعة طلعت مصطفي دائماً "يلحسون" وعودهم، وكذلك يكذبون علي عملائهم، لكن المؤكد أيضاً أن الفشل الذريع في إدارة مدينة الرحاب والذي حول المدينة إلي مدينة للجحيم والعذاب، وحول سكانها إلي رهائن في أيدي البلطجية سيكون هو نفسه في مشروع "مدينتي" الذي تدعي المجموعة أنه سيكون مشروعاً للمستقبل. وطالما أن الإرهاب سائد في مدينة الرحاب فإنه سينتقل إلي "مدينتي" وكما كان المستقبل مظلماً وكئيباً في الرحاب وخسر الناس أموالهم فيها، فإن الخسارة مؤكدة لضحايا "مدينتي" الذين يحلمون بمستقبل لن يجدوا فيه إلا الكوابيس. لا أعرف كيف تترك أجهزة الدولة ما يحدث في مدينة الرحاب وما سيحدث في "مدينتي" دون رقابة أو عقاب، ولماذا تترك الساحة لمجموعة طلعت مصطفي وفضائحها في الرحاب عند هذا المستوي دون تدخل من أي جهة في الدولة. صحيح أن "بعض سكان المدينة يسيرون في اتجاه رفع الأمر للقضاء؛ للحفاظ علي حقوقهم المهدرة وحفاظاً علي سلامة أبنائهم، لكن الواجب أيضاً وقف الابتزاز الذي تمارسه مجموعة طلعت مصطفي بدعوي الحفاظ علي الاستثمارات، فالهدف يجب أن يكون دائماً أمن وسلامة المواطن، وحتي لو كانت الإعلانات تصف مشروع "مدينتي" بأنه "مدينة عصرية علي أرض مصرية"، فإننا سنظل حتي ينصلح الحال نؤكد أن مدينة الرحاب صارت "مدينة بلطجية علي أرض مصرية".