أنت وأنا وكل من ينتمون لهذا الوطن مصريون أولا وأخيرا، وهذا الانتماء للمواطنة المصرية يجب أي انتماء آخر، ويعلو علي أي هوية أخري ويسبقها، سواء كانت هوية سياسية، أو حزبية، أو فكرية، أو غيرها. أي أن كونك وهويتك كمواطن مصري يعني انك تتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن آخر، وأن عليك كل ما عليه من واجبات، بغض النظر عن الاختلافات الطبيعية بين الأشخاص، في اللون أو الجنس أو الفكر والعقيدة، أو المستوي الاجتماعي والثقافي، وغير ذلك. وكلنا في هذا في كفة واحدة، بلا زيادة أو نقصان، وكلنا في ذلك متساوون، لا فضل لأحد منا علي الآخر، إلا بكفاءة العمل واحترام الآخر، والالتزام بالقانون. ونحن في كل هذا سواء، دون فوارق بيننا علي الاطلاق، ولا ميزة لمن هم ممسكون بمقاليد السلطة ومتربعون علي كراسي الحكم، من كوادر الحرية والعدالة وأعضاء الجماعة والموالين لهم، علي غيرهم ممن هم خارج السلطة، أو في صفوف المعارضة، أو ممن هم لا ينتمون لهذا أو ذاك،..، وما أكثرهم. كل هذه مسلمات وبديهيات، من المفترض أن تكون معلومة لنا جميعا، وواضحة وراسخة في عقل وقلب كل مواطن ينتمي لهذا الوطن، ويعيش علي أرضه، ويتنفس هواءه، ويتشرف بهذا الانتماء وذلك العيش، مهما كانت المصاعب التي يواجهها والتحديات التي يمر بها، في ظل الظروف الخاصة التي نعاني منها جميعا الآن، والتي هي بالقطع قاسية علي كل منا، وتثير المرارة والحزن والألم لدينا جميعا. ولكن يبدو أن هذه المسلمات وتلك البديهيات أصبحت غائبة عن وعي البعض من أبناء هذا الوطن، للأسف الشديد، كما أصبحت غائمة وغير واضحة في أذهان البعض الآخر، وإلا ما كنا قد رأينا ما يجري حولنا من عنف متزايد، وصدام متصاعد، وعدوان متبادل بين أبناء الوطن الواحد. من أجل ذلك، وفي اطاره، تأتي الحاجة إلي إعادة التذكير بهذه البديهيات، وإعادة التأكيد علي تلك المسلمات، لعلها تؤدي إلي عودة الوعي المفقود، وإعادة الإدراك الغائب.