الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب قال مشكورا مالم يقله العديد من نواب مجلس الشعب، وما يتجاهله العديد من الوزراء والمسئولين من حقائق حول احوال بعض المتظاهرين امام المجلس.. قال رئيس مجلس الشعب انه لا يجوز ان نعرف ان موظفا يتقاضي 001 جنيه في الشهر ونسكت، هذه اهانة لشبابنا. والحقيقة ان الاهانة ليست فقط لهؤلاء الشبان، وانما الاهانة للمجتمع كله، والمسئولية علي من الذي يسمح ببقاء الآلاف من هؤلاء الشبان يعملون بالهيئات الحكومية بصفة مؤقتة بعضهم منذ اكثر من خمسة عشر عاما دون ان يتم تعيينهم. ولا اظن ان احدا يمكن ان يتصور »علاقة عمل« حقيقية في ظل هذه الظروف وبهذه المرتبات أوالمكافآت المهينة.. انهم يستمرون فقط علي امل التعيين، ثم تفاجئهم قرارات بتعيين اخرين من المحظوظين وابناء الاكابر في وظائف انتظروها لسنوات!! ولكن المشكلة ليست فقط في هؤلاء، بل في ظل ظروف عمل ومستويات اجور لا يمكن ان تكون عاملا للاستقرار ولا سبيلا للانتاج ولا طريقا لتقدم المجتمع. فهل من المعقول ان يتخرج الطبيب بعد سنوات من التفوق في الدراسة ليجد في انتظاره مرتبا قدره 052 جنيها في الشهر؟! وهل من المعقول ان نطالب المدرس باداء واجبه كما ينبغي في ظل المرتب البائس الذي يتقاضاه حتي بعد التعديلات التي لحقته؟ وكيف يعيش موظف محترم وصل إلي درجة المدير العام في الكثير من مصالح الدولة بمرتب يقل كثيرا عن الألف جنيه؟ اما الوجه الثاني للمشكلة فهو هذا التفاوت الرهيب في المرتبات الذي يسمح للبعض بان يتقاضي اكثر من مليون جنيه في الشهر.. فاذا اضفت إلي ذلك انه في ظل نسبة البطالة المرتفعة، ومع المعاناة التي يلقاها شبابنا في البحث عن عمل والتي تجعل الكثيرين يرضون بعقود مؤقتة بمائة جنيه في الحكومة، أو يعملون في ظروف بالغة القسوة في بعض مجالات القطاع الخاص التي تستغل و فرة المعروض من الايدي العاملة.. في ظل كل هذه الظروف يجد بعض المحظوظين الطريق سالكا مهما كان مستواهم العلمي لكي يلحقوا بالوظائف المميزة وبالاجور المميزة.. لا لشيء إلا لانهم من ابناء الفئة القليلة التي يزداد تركيز الثروة في يدها، ويزداد اقترابها من السلطة، لتفرض واقعا جديدا وخطيرا ينقسم فيه المجتمع بين هذه القلة التي لا تشبع ولا تعرف مسئولياتها وبين الكثرة التي تواجه ظروفا صعبة والتي تدفع وحدها ثمن سياسات مالية تنحاز للاغنياء وسياسات اقتصادية حاصرت الصناعة الوطنية بالاعباء وتركت الباب مفتوحا لسماسرة الانفتاح السبهللي، وباعت قلاع الصناعة بتراب الفلوس، وتركت صناعات اساسية تسقط في ايدي الاجانب وبدلا من خلق فرص العمل اصبح المعاش المبكر هو الحل حتي لا ينكشف فساد من باعوا وصفاقة من اشتروا!! يقول الدكتور سرور في تعليقه علي »اكتشاف« ان هناك خريجين للجامعة يعملون بمائة جنيه شهريا انه »خير لنا ان نغلق الجامعات، من ان يتقاضي خريجوها هذا المرتب« واعتقد انه يقول من باب الحث علي ايجاد الحلول والطلب من الحكومة ان تتحرك.. فالحل بالطبع ليس اغلاق الجامعات بل اصلاح الخلل، الحل بنظام اجور عادل وبنظام توظيف لا مكان فيه إلا للكفاءة وليس الواسطة أو الحسب والنسب. والحل هو تغيير السياسات ليكون التركيز علي مكافحة البطالة وخلق الوظائف الحقيقية. والحل هو تغيير الاولويات حتي لا تخدعنا الارقام، فالاستثمار في الصناعة الوطنية شيء والاستثمار في بناء المنتجعات الفاخرة شيء آخر. ودخول رأس المال الاجنبي ينبغي ان يكون مصحوبا بشروط لتطوير التكنولوجيا وزيادة التصدير وخلق فرص العمل، وليس للمضاربة في البورصة أو الاتجار بالاراضي. قبل خمسين عاما كان خريج الجامعة يعين فور تخرجه بمرتب شهري قدره سبعة عشر جنيها يكفيه تماما لكي يعيش عيشة محترمة، وكان الحد الالقصي للمرتبات في الدولة 052 جنيها في الشهر. ولهذا بنينا في هذه الفترة السد العالي وآلاف المصانع ووفرنا التعليم الجيد والعلاج المجاني. الان لدينا من يتقاضي مائة جنيه ومن يتقاضي اكثر من مليون كمرتب شهري، ولدينا تنمية لا يذهب عائدها إلا لقلة تزداد ثراء والنتيجة فجوة تزداد اتساعا في المجتمع، وطبقة وسطي انهارت، وصناعة وطنية لن تكون هناك نهضة إلا بها، ومع ذلك فهي تعاني من السياسات المالية والاقتصادية الخاطئة، وتعاني من ان اجور الاغلبية لا توفر لها اي قدرة شرائية بينما الاقلية الثرية تشبعت حتي النهاية وهي اذا اشترت فعيونها علي الخارج.. تلبس مما يصنع، وتتعلم في مدارسه، وتضع اموالها »أو اموالنا« في مصارفه!! قبل سنوات روي لي المرحوم الدكتور عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الاسبق ومهندس الصناعة المصرية العظيم قصة مازال بعض شهودها احياء.. قال لي ان الظروف بالطبع كانت صعبة للغاية بعد حرب 76 وفي ظل قلة الموارد مع اغلاق قناة السويس وتوقف السياحة وانقطاع الموارد البترولية من حقول سيناء ومع الاعباء الكبيرة لاعادة بناء القوات المسلحة. وفي اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة عبدالناصر انقسم المجلس حول الميزانية الجديدة بين اتجاهين: واحد يطالب بوقف التوسع الصناعي مؤقتا واخر يؤيد مطالبة عزيز صدقي بمواصلة برنامج التصنيع.. ويومها حسم عبدالناصر الخلاف حين سأل: هناك مليون شاب علي جبهة القتال.. سيقاتلون حتي النصر باذن الله، فماذا سنعد لهم حين يعودون.. فرصة العمل وبناء المستقبل ام البطالة؟.. وكانت النتيجة انه في ظل اقسي المعارك كنا نبني القلاع الصناعية ونقدم درسا لعلنا نتذكره علي الدوام!! اخر كلام قبل سنوات قاد الرئيس مبارك حملة لتشجيع المواطنين علي شراء منتجات الصناعة المصرية. الان، وبعد ان نقرأ تقرير لجنة الصناعة بمجلس الشوري عن الحالة البائسة لصناعة الغزل والنسيج والظروف الصعبة التي نواجهها، ندرك ان صناعتنا بحاجة إلي حملة اخري يقودها الرئيس بعد فترة النقاهة وبعد ان يكتمل الشفاء باذن الله. ليست مخالفة للقانون ولا احتيالا عليه، بل جريمة خيانة عظمي.. هذا هو الوصف الصحيح لجريمة بيع اراض وشقق في سيناء لاسرائيليين تتم محاكمة من ارتكبوها الان. مسألة اولويات.. لم يشارك الرئيس العراقي في القمة العربية لانه كان في نفس الوقت يشارك في مشاورات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة مع المسئولين.. في طهران!! الرسالة من القمة العربية: 005 مليون دولار لانقاذ القدس، والرد العاجل هو: شكر الله سعيكم!!