نمر بزمن عصيب تتراجع فيه فضائل وقيم التفاهم والحوار، ونفتقد الثقة فيما بيننا، وتفتقدها الشعوب فيما بينها وبين قادتها، وهذا التراجع ينسحب علي الثقافات والاديان في مختلف انحاء الارض، ويتجلي هذا التراجع في اوضح صوره في العلاقات الاجتماعية والانسانية فيما بيننا، ونفس الواقع المرير بين اتباع الديانات الموحدة الثلاثة، فالمعلومات المضللة والشائعات المغرضة ومظاهر التنميط التي تمارسها فئات معينة، تساعد وتعمل علي تشكيل المفاهيم عن الآخر، بحيث تخلق جوا من الشك والحقد والكراهية. ولكي نتمكن من التصدي لمظاهر التشكيك والشائعات والخوف المتبادل، فلابد من التعارف والتواصل، ولابد من الحوار والتفاهم بيننا.. شبابا وشيوخا، أحزابا وحركات، مؤسسات مجتمعية اهلية وحكومية، وايضا لاغني عن الحوار بين مختلف الاديان والمذاهب الفكرية والدينية وبين الحضارات، ومثل هذه الحوارات اساسية لاغني عنها، في مسعي للكشف عن المشتركات والجوامع التي تقربنا، وتوحدنا، وتوحد الانسانية علي مبادئ التسامح واحترام الاختلاف وقبول الآخر، وكشف زيف التطرف والشائعات. والتعايش في امن وسلام، يعني العيش علي المودة والالفة، وينطلق من قاعدة ان التعدد والتنوع شرعة إلهية، وسمة من سمات الوجود يتجاوز كل قبول سلبي اضطراري بالاخر، وان التعايش ليس السكوت عن الاخر، أو احتماله علي مضض، بل هو استدعاء لهذا الآخر، ليكون محاورا وشريكا في تكوين الحقيقة التي تتشكل من شراكة التعايش. ان الحوار المثمر الذي يفضي الي التعايش، هو قيمة غالية تجعل حياة الناس ممكنة، وقادرة علي ان تهزم الشائعات والكراهية والعنف، والموت والاحتقان والدمار، ففي غياب ثقافة الحوار والتعايش، لا ثقافة للسلام، ولا اساس فلسفي للسلام نفسه.