أحيانا يقف القانون مكتوفا أو عاجزاً امام الجريمة.. وفيما يتعلق بظاهرة التعذيب عامة وتعذيب مرضي الادمان علي وجه الخصوص لايتضمن القانون عقوبات رادعة بحق مرتكبيها الأمر الذي أدي لانتشار الظاهرة وتوسعها في صور مفزعة طالعناها خلال الآونة الاخيرة عبر رجل معدوم الضمير يرتكب عمليات تعذيب وحشية في حق ثلاثة اطفال من ابناء أخيه السجين حتي أشرفوا علي الموت.. أو سيدة حمقاء أدمنت تعذيب خادمة صغيرة حتي انتحرت، أو صاحب عمل يبتكر وسائل تعذيب لا انسانية في حق صبية يعملون لديه، وأخيرا جاءت ظاهرة التعذيب بحق مرضي الادمان في مراكز علاجية خاصة.. اين القانون؟ تقول الدكتورة فوزية عبدالستار استاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقا ان جريمة الضرب أو التعذيب اذا نشأ عنها مرض أو عجز يقعد صاحبه او يخضعه للعلاج مدة تزيد علي 02 يوما يعاقب بغرامة لا تقل عن 002 جنيها ولاتتجاوز 003 جنيه أو بالحبس مدة لاتزيد علي عامين أو بكلاهما معا أي أن الجاني يمكن ان تقتصر عقوبته طبقا للقانون علي غرامة قدرها 02 جنيها فقط.. واذا صدر الضرب عن سبق اصرار وترصد أو باستخدام سلاح أو ما شابه تشدد العقوبة الي الحبس مدة لاتزيد علي3 سنوات.. وتنص المادة 042 من قانون العقوبات علي أن عقوبة الضرب الذي أفضي الي عاهة تتراوح بين 3 و5 سنوات فإذا اقترن بسبق اصرار وترصد تصبح العقوبة من 3 الي 01 سنوات.. واذا افضي الي موت الضحية يعاقب الجاني بالسجن من 3 الي 7 سنوات ولو اقترن بسبق اصرار وترصد ترتفع العقوبة بين 3 و51 سنة..وبالنسبة للتعذيب في مصحات الادمان لا يمكن تصور ان تقتصر العقوبة علي حبس لمدد محدودة أو غرامة من 002 الي 003 جنيه اذ ينبغي تغليظ العقوبة. واضافت أن مرتكبي هذه الأفعال جمعوا أكثر من جريمة في آن واحد حيث يثار التساؤل حول ما اذا كانت هذه المصحات قد حصلت علي ترخيص من عدمه ويتحدث قانون مكافحة المخدرات عن نوعين منها.. اما مصحات حكومية وهذه لاتوجد مشكلة بخصوصها، أو دور علاج الادمان التي لابد ان يصدر بها قرار من وزير الشئون الاجتماعية بالاتفاق مع وزير الصحة وفقا للمادة 73 مقرر من قانون مكافحة المخدرات.. ولكن المصحات التي تنشأ تحت بئر السلم والتي لا يشرف عليها اخصائيون نفسيون واجتماعيون فلايمكن ان تنشأ وفقا لهذه الاجراءات.. فهي غير قانونية اطلاقا وخارج نطاق القانون. واذا كانت هذه الدور خارج نطاق القانون فأول ما تثيره هو جريمة النصب التي تنص عليها المادة 733 من قانون العقوبات.. لأن من ينشيء هذه المصحة بدون ترخيص بغرض الحصول علي الاموال الطائلة لعلاج المدمنين موهما ذويهم واسرهم بقدرته علي العلاج فهذا الفعل يتضمن جريمة النصب.. واذا كان صاحب هذه الدار ليس بطبيب نفسي توقع عليه عقوبة مزاولة مهنة الطب بغير ترخيص وبغير الحصول علي مؤهل طبي.. فالافعال التي تحدث داخل هذه النوعية من المصحات المزعومة تقع بها عدة جرائم مجتمعة. البحث عن مراكز الادمان ويشير المستشار احمد الخطيب رئيس محكمة استئناف الاسكندرية الي وجود مراكز غير مرخصة تقوم باتباع اساليب غير طبيعية في عملية علاج المدمنين مستغلة ضعف سيطرة الدولة ورقابتها علي تلك المنشآت التي تمارس ذلك النشاط.. وكثيرا ما تلجأ هذه المراكز الي العنف في معاملة المدمنين وتعذيبهم. وتعد تلك الافعال جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات.. فالحجز بدون وجه حق او مسوغ قانوني وفي غير الاماكن التي يحددها القانون لتقييد حرية المواطن يعد جريمة.. وكذا الضرب او انتهاك حرمة جسده التي قد تصل الي هتك العرض.. وهي جرائم محرمة قانونا وقد تصل عقوبتها الي السجن.. ومصادرة الادوات المستخدمة في التعذيب وغلق تلك المنشأة مع احتفاظ المجني عليه او ورثته في المطالبة بالتعويض المادي والمعنوي عما لحق به من اضرار، وإلزام المسئول عن تلك الافعال بسدادها اليه.. من هنا.. يكون لكل من تعرض للتعذيب بتلك المراكز أو علم بارتكاب جرائم او انتهاكات بداخلها الحق في أن يتقدم ببلاغ الي النيابة العامة لاجراء تحقيقات حول تلك المراكز.. وللدين رأي ويؤكد العالم الديني الدكتور احمد عمر هاشم ان هذه الظاهرة لون من ألوان الشذوذ الفكري والديني.. فلا علاج فيما حرمه الله سبحانه وتعالي.. فالرسول عليه الصلاة والسلام قال »ما جعل الله علاج أمتي بما حرم عليها«.. فكل ما هو محرم مثل شرب البيرة والخمور والضرب والعري والممارسات الشاذة بعيدة كل البعد عن الدين.. وانما هو ضرب من الخبل العقلي والشذوذ الفكري الذي يمارسه اناس لاعقل لهم ولا ضمير ولادين.. فإن كانوا يعلمون أن هذا باطل ويمارسونه فإنهم يرتكبون اثماً.. وان كانوا لا يعلمون ويمارسون ذلك فهذا جهل وطامة كبري لايصح ان تظهر في المجتمع.. ويجب الضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه ممارسة هذا السلوك.. والدليل علي ذلك قول رسول الله صلي الله عليه وسلم »لاضرر ولا ضرار«.. هذا الحديث يحرم أي ضرر يقع علي الانسان..فهؤلاء أهل باطل.. وعلينا جميعا ان نتمسك بالهدي النبوي الذي امرنا بالتوكل علي الله.. والأخذ بالاسباب.. والبعد عما حرمه الله.. ولايصلح ان تظهر مثل تلك الخرافات في أي مجتمع متحضر أو متدين.. ولهذا لابد من تشديد العقوبة بخصوص هذه الاماكن وان تخضع المصحات الخاصة لاشراف دوري دقيق من الدولة تجنبا لمثل هذه الجرائم.