أثارت قضية مقتل أحد الشباب المدمن الذي أودعته أسرته داخل أحد مراكز علاج الإدمان بمنطقة المقطم متأثرا من التعذيب العديد من التساؤلات خاصة بعد المعلومات التي كشفت عنها جهات التحقيق من مهازل بعيدة عن العلاج تحدث بداخلها وهو ما تناولته اعترافات المرضي. من بين تلك التساؤلات كيفية حصول تلك المراكز السرية المشبوهة علي تراخيص ممارسة هذا النشاط الحيوي علي شباب في عمر الزهور, وأين الرقابة الصحية وغيرها. حملنا تلك التساؤلات إلي الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي ليزيل الغموض ويوضح كيف تسير منظومة علاج الإدمان قبل أن تمتد خيوط الاتهامات في كل اتجاه. وأكد أن ما حدث هو خطأ الأهل بالدرجة الأولي لأنهم يتخلصون من ابنهم المدمن المريض ومن مشاكله بوضعه داخل مركز لا يحمل أي ترخيص ولا يضم أطباء مؤهلين لهذا العلاج مقابل مبلغ خمسة الاف جنيه شهريا.. وهم بذلك يتخلصون منه ولا يعالجونه. ولكن كيف تري منظومة العلاج النفسي في الادمان؟ منظومة العلاج النفسي في مصر محترمة جدا وتخضع لقوانين ورقابة هائلة.. وتشكل الأمانة العامة للصحة النفسية التي تتبع وزارة الصحة وتضم مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية والادمان ويتبعها17 مستشفي أمراض نفسية في كل محافظات مصر وفي القاهرة وحدها توجد مستشفيات العباسية والخانكة وحلوان والمطار المخصصة لعلاج الإدمان. وكيف تبدو عمليات الرقابة علي علاج هذه الأمراض النفسية والعقلية والإدمان ؟ لدينا مجلس قومي للصحة النفسية وهو مسئول عن تطبيق قانون رعاية المريض النفسي والاشراف والرقابة علي مستشفيات ومراكز العلاج النفسي وتطبيق القانون الخاص بعلاج المريض النفسي والعقلي وهو قانون يعني بحقوقه ودخوله وخروجه وحجزه داخل المستشفيات.. والقانون يطلب مواصفات خاصة لأي مكان أو مستشفي قبل الحصول علي ترخيص بعلاج المرضي. وماذا يطلب القانون لعلاج مريض الإدمان بالذات؟ إن علاج الإدمان يحتاج طبقا للقانون إلي إشراف طبي من طبيب نفسي متخصص ومعه اخصائي نفسي واخصائي اجتماعي وتمريض نفسي وعادة ينضم اليهم أحد المرضي المتعافين والذي سبق علاجه وشفاؤه, ولكن تنتشر في مصر الآن مئات مراكز علاج الإدمان لا تضم هذه الاشتراطات التي طلبها القانون.. وكيف حصلت علي تراخيص لعلاج الإدمان إذن؟ إن وزارة الصحة بريئة تماما من منح تراخيص لهذه المراكز إذ أنها جميعا بدون ترخيص.. وقد يحصل طبيب علي ترخيص لفتح عيادة لعلاج المريض النفسي ثم يحولها في الخفاء إلي مركز لعلاج الإدمان.. وعدد كبير جدا من المرضي الذين تم شفاؤهم ويستعان بهم مع فريق العلاج.. غالبا ما يقومون بفتح مراكز لعلاج الإدمان بدون ترخيص.. وغالبا ما تكون رخيصة جدا بالنسبة لمستشفيات ومراكز العلاج المرخصة والتي تقوم بهذه المهمة. وأين دور وزارة الصحة والأجهزة الرقابية التي تركت هذه المراكز تعمل تحت سمع وبصر الوزارات دون تدخل؟ إن هذه المراكز معظمها سرية.. ولا تعرف عنهم أي معلومات إلا إذا تقدم الأهل بشكوي.. وهذا ما حدث في مركز المقطم.. إذ لم نعرف شيئا عن هذا المركز إلا بعد موت أحد المرضي بداخله وبلاغ من الأهل.. بعدها تم اكتشاف ان مدير المركز مدمن سابق!! هل تري أن أهل المريض يتحملون جزءا من المسئولية؟ هذا مؤكدا إذ أن مريض الإدمان يسبب مشاكل كبيرة جدا للأسرة تصل الي حد إقدامهم علي التخلص منه وايداعه في أي مكان رخيص وابعاده عن الحياة.. ان أقل مركز أو مستشفي لعلاج الإدمان لا تقبل أقل من عشرين ألف جنيه شهريا لعلاج المريض المدمن.. وعندما تطلب خمسة الاف جنيه فقط فهذا ليس علاج ولكنه نوع من العزل للابن المريض بعيدا عن الأسرة. وهل تخضع عملية إدخال المريض النفسي أو المدمن الي مستشفي أو مركز علاجي إلي اجراءات قانونية؟ ان ادخال المريض أو المدمن دخول إلزامي الي مستشفي أو مركز يخضع لإجراءات قانونية في غاية الأهمية لحماية الانسان.. إذ ان المدمن لا يجوز علاجه إلزاميا إلا إذا سبب له الإدمان أعراضا تشكل خطورة علي الأسرة وفي كل حالة إدخال مريض بصورة الزامية يجب ابلاغ المجلس القومي للصحة النفسية الذي يرسل مندوبين للكشف عليه وتحديد مدة علاجه وبقائه في هذا العزل والأمر بالإفراج عنه إذا تبين شفاؤه. وماذا عن موقف الادمان في ظل الظروف النفسية التي يمر بها الوطن الآن؟ سجلت الاحصائيات خلال الأيام الماضية مع توتر الأحداث في البلاد زيادة هائلة في التدخين بالذات.. كانت نسبة تعاطي المخدرات قد سجلت ارتفاعا في تعاطي الترامادول وهي مادة مخصصة لمواجهة الآلام الشديدة الي33% والحشيش30% بجانب الهيروين وباقي انواع المخدرات.. ثم سجل الحشيش ارتفاعا جديدا في آخر احصاء ليصل الي33% مع تراجع الترامادول. وهل ينتظر مركز المقطم عقابا رادعا علي مخالفاته؟ ان المركز المتهم في المقطم كان يعاقب علي جرائم التعذيب والقتل.. أما عقوبة ممارسة مهنة الطب بدون ترخيص فهي ضئيلة وهذه كارثة أخري.. فهنا العقوبات التي قد لاتتجاوز الغرامة وتدفع الي المزيد من مراكز مخالفة جديدة.. وأؤكد أن هناك مراكز مرخصة لعلاج الإدمان نجحت نجاحا باهرا في انقاذ كثير من شبابنا إذ تطبق وسائل العلاج العالمي والحديث ولا يمكن ان نتهي كل مراكز علاج الإدمان لمجرد اكتشاف مركز مشبوه وغير مرخص.