من المؤكد أن الغالبية من أبناء الشعب المصري - إذا لم يكن الكل- قد أصابهم »الزهق« و»القرف« و»اليأس« نتيجة الحالة المأساوية التي وصلت إليها الأمور في وطنهم. الجميع ونتيجة للتدهور الاقتصادي والاجتماعي يعيشون المعاناة في ممارسة حياتهم اليومية وتوفير لقمة العيش اللازمة لهم ولأفراد أسرهم. قطاع كبير منهم فقدوا مصدر أرزاقهم إما نتيجة الكساد والانكماش وقلة الدخول في مواجهة ارتفاع الأسعار وإما بسبب التوقف عن النشاط كما حدث علي سبيل المثال لصناعة السياحة وما يرتبط بها من أعمال أخري. هذا الوضع يعكس - بصريح العبارة- أن الناس »طهقوا« من عيشتهم ومن المناخ الذي أصبحت عليه الأمور. هذه الأحوال وللأسف الشديد هي محصلة سوء الإدراك وضيق الأفق وعدم التقدير الصحيح للموقف من جانب كل المشاركين في هذه المنظومة التي لا علاقة لها بالديمقراطية المأمولة. يبدو أنه ليس لهذه الحالة من نهاية مع تمسك كل الأطراف خاصة من بيدهم الأمر والنهي بآفة العناد وأنانية الايدلوجية السياسية. لا أحد يريد الإقدام علي مبادرة للخروج من المأزق بعد أن سيطرت علي المشاعر نزعة »أنا و من بعدي الطوفان« هناك شعور بالبلادة أدي إلي غياب حقيقة أن هذا »الطوفان« المدمر لو حدث فإن أحدا لن يفلت من المصير المظلم. ليس خافيا أن نزعة جنونية أصبحت تسيطر الآن علي السلوكيات وهي لا تخضع لعقل أو منطق. إن عدم وجود نية أو رغبة في احتوائها قبل الانحدار نحو الهاوية يعطي مؤشرا بوقوع الانفجار الذي سيقضي علي الأخضر واليابس!! إن أخطر ما تشهده الساحة السياسية حاليا هو الجمود وعدم المبالاة.. أصبح واضحا أن هناك عنصرا مجهولا يعمل من وراء الستار يمنع أي تقدم علي طريق الوفاق الوطني. المؤكد ان هذا العنصر لا يهمه بأي حال صالح هذا الوطن وهو ما يجعله يركز جهوده علي الدفع بنا إلي المجهول الأسود الذي لا يبشر بأي خير. كل الدلائل تؤكد أنه لا أمل في كسر هذه الدائرة الجهنمية التي وضعتنا الظروف داخلها. هل هانت علينا مصر- أم الدنيا- إلي هذا الحد الذي يجعلنا ندمرها بأيدينا؟ إن محصلة هذا الذي يجري تجزم بأن الجميع لن يجدوا في النهاية - وسط الدمار - حتي الطوبة التي يمكن أن يقفوا عليها.