د الشوادفى منصور شرىف الدكتور عثمان حفيد الشاعر الباكستاني الكبير محمد اقبال.... التقيته بمطعم الجامعة البريطانية بلندن بعد وصولي لدراسة الدكتوراه بإنجلترا. فبلا مقدمات اقتحم وحدتي في المطعم ذلك الرجل الدمث الخلق والسمح البهية.... وهو يحمل اطباق غذائه واستأذن في المشاركة فالمطعم مزدحم عن اخره... فأذنت له بالجلوس واثناء تناوله الطعام سألني من اي البلاد جئت قلت له من مصر فانفرجت اساريره وقال الله الله بلد العظيمة ام كلثوم... فقلت له تعرفها... فقال انا حفيد الشاعر العظيم محمد اقبال اذن فأنت من باكستان... لقد غنت ام كلثوم له حديث الروح ودار حديث بيننا رغم ركاكة لغتي الانجليزية في ذاك الوقت (انجليزي مرسي الزناتي)... وتواعدنا علي اللقاء مساء بغرفتي بمساكن الجامعة لاكمال ما بدأناه.... وحمدت الله ان ارسل لي هذا الرجل المسلم الدارس للكيمياء والذي قارب علي الانتهاء من رسالته للدكتوراه في الكيمياء وانا اعيش اصعب الايام اسبوعي الاول بإنجلترا وحنيني للوطن يفوق كل الحدود وليس لي انيس او ونيس... ووعدني عثمان بمساعدتي في اجادة الانجليزية علي ان اساعده في تعلم العربية واتفقنا علي اللقاء اليومي مساء بغرفتي..... لقد كان ذلك الرجل هو النجدة التي ارسلتها السماء... لانقاذي من السقوط في بحر غرام تعلم اللغة الانجليزية من خلال القاموس الاصفر الذي سقط فيه اكثر من 99٪ من المبعوثين والدارسين المصريين والعرب في كل بلاد الفرنجة..... فكلما اقترب مني احد هذه القواميس للتعارف كان العثمان ينهي الجلسة انني متزوج من شقيقته... وكنت اكتم غيظي منه ولكن ليس باليد حيلة.... فأصبح العثمانلي مقررا ثابتا عليّ من الصباح حتي الذهاب الي النوم لا انفصال الا لفصول دراسة اللغة... وللحق انه كان موسوعة اسلامية وعلمية ولديه اسلوب قصصي رائع وبسيط تعلمت منه الكثير . وكنا نذهب للتسوق في نهاية الاسبوع لشراء مايلزمنا من الفاكهة والخضراوات والالبان من السوبر ماركت القريبة من الجامعة التي يمتلكها الهنود والباكستانيون فالجامعة توفر لنا بمطاعمها الوجبات الساخنة .... وكان العثمان يذهب بنا الي محلات الهنود تاركا محلات الباكستانيين لشراء احتياجاتنا.... وكان ذلك يسبب لي غصة... كيف نترك محلات المسلمين ونذهب الي محلات الهنود.... فالمسلمون اولي بأموالنا ومساعدتنا... ولكنني ابتلع غيظي... من العثمانلي فالغريب اعمي ولو كان بصيرا فمازلت اتحسس خطواتي بالجامعة والمنطقة ....وبلا جدال... لقد انقذني من الوقوع في الكثير من الاخطاء... ولكنه فرض ستارا حديديا من اقتراب اي قاموس اصفر او اسود... مني حتي لمجرد الحوار للمساعدة في زيادة المعرفة واللغة. المفاجأة ... اثناء ترجلنا للتسوق بالويك اند.. طلبت وبحسم من العثمانلي التسوق من السوبر ماركت الباكستاني والمجاور للهندي.... فامتثل لرغبتي واستقبلنا صاحب السوبر ماركت بابتسامة عريضة بعد إلقاء تحية الاسلام وخلال جولتي بأقسام الفاكهة والخضر.... كانت الصدمة بضاعة رديئة معظمها تالف ان لم يكن فاقدا للصلاحية بل البعض منها تفوح منه روائح عفونة وتركني العثمانلي اتجول بكامل حريتي.... وعدت اليه لاجده يتجاذب اطراف الحديث والضحكات باللغة الاوردية مع صاحب السوبر ماركت.... وفاجأني صاحب السوبر ماركت مرحبا... برزر من ايجبت لدينا بضاعة ممتازة فأومأت برأسي مايفيد نعم نعم... وفهم العثمانلي حرج موقفي فاخذني لداخل السوبر ماركت ليطلعني علي برواز كبير الحجم معلق في الواجهة ليراه ويتمتع الناظرون من الرواد ومكتوبا باللغة العربية ويتوسط البضاعة العفنة التالفة والفاقد للصلاحية معظمه... "هذا من فضل....ربي " وانسحبنا بهدوء لخارج السوبر ماركت من باب اخر حتي لايرانا صاحبه.... وقال لي العثمانلي... انني كنت اعلم امتعاضك من عدم التسوق من محلات الباكي.... وكم حذرتهم كيف يأتون باسوأ البضائع ويعرضونها تحت مسمي.... هذا من فضل ربي دون جدوي فاضطررت للتعامل مع سوبر ماركت الهنود والانجليز.... لعلك ادركت انني لم اكن اود ان تشاهد كيف يسيء المسلمون للاسلام العظيم بمثل هذه الافعال والاسلام منها براء... أليس الاسلام من قدم للعالم الحضارة الانسانية العريقة في العلم والاخلاق والقدوة والنظافة في كل شيء... قلت له صدقت.. صدقت. لذا فرسالتي اليوم ...للمصريين ممن يلعبون بالنار باسم الاسلام... ألا يصبغوا سلوكهم وتصرفاتهم... الخارجة عن منهج الاسلام العظيم برداء الاسلام ... حتي لاتفقد الاجيال الجديدة حماسها الرائع للاسلام... وليكن لمشايخنا في المساجد ووسائل الاعلام العبرة من خطاب الشيخ العريفي حفظه الله..... الذي كشف الغمة التي نعيش فيها واعاد للمصريين وعيهم بأنفسهم... اللهم اما بلغت اللهم فاشهد.