في الوقت الذي كان فيه الرئيس التركي عبدالله جول بصحبة الرئيس محمد مرسي لحضور المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعقب مراسم الاستقبال الرسمية في بداية زيارة جول لمصر بعد انتهاء فعاليات قمة الدول الإسلامية.. كان هناك مؤتمر صحفي آخر للرئيس درويش أرأوغلو رئيس قبرص الشمالية يعقد بمقر إقامة السفير التركي بالقاهرة. ولمن لايعرف قبرص الشمالية فهي الجزء الشمالي من الجزيرة الذي تقطنه أغلبية مسلمة تصل نسبتها إلي 99٪ من عدد السكان ، وذلك بعد عملية التقسيم التي وقعت أوائل الستينات من القرن الماضي وفرقت بين سكانها الأتراك واليونانيين..الأسوأ من ذلك أن العالم الذي تعود أن يكيل بمكيالين اعترف فقط بقبرص اليونانية التي يقطنها أغلبية مسيحية ومنحها عضوية الاتحاد الأوروبي، وفرض حصارا خانقا علي سكان الجزيرة من المسلمين التي يعيش سكانها علي الدعم الذي يتلقونه من تركيا. الرئيس درويش أرأوغلو استعرض في المؤتمر الصحفي الذي حضره لفيف من الصحفيين المصريين والأتراك الظروف الصعبة التي يعيشها سكان الجزيرة، وقال أنه يتمني أن يأتي اليوم الذي تحظي فيه القضية القبرصية بالدعم المناسب من الدول العربية والإسلامية حتي يحصل الشعب في بلاده علي حقوقه ويخرج من حالة الحصار والعزلة التي يعيشها، وتعود للجزيرة وحدتها طبقا لاتفاقية الشراكة التي وقعت عام 1960 برعاية تركيا واليونان وبريطانيا بالإضافة إلي ممثلي القبارصة الأتراك واليونانيين..تلك الاتفاقية التي كان من المفترض أن يعامل بمقتضاها القبرصي التركي والقبرصي اليوناني علي قدم المساواة بدلا من الواقع المأساوي الذي يعيشه القبارصة الأتراك في الشمال. ورغم أن الاتحاد الأوروبي كان أحد رعاة الخطة التي تبناها المجتمع الدولي لتوحيد الجزيرة إلا أنه تحول بعد ذلك ليكون بمثابة أداة للضغط علي كل من تسول له نفسه من الدول أن يفكر في الاعتراف بحقوق قبرص الشمالية في الانخراط في المجتمع الدولي، مما عرقل تنفيذ خطة الأممالمتحدة في توحيد الجزيرة وتمتع مواطنيها بحقوق متساوية دون أي تفرقة. ورغم حالة الحصار التي يعيشها سكان قبرص الشمالية إلا أنهم يعملون بجد لتنمية جزيرتهم مع ضعف الامكانيات..وقد ساعد موقع الجزيرة وسط البحر المتوسط علي الاهتمام بتنشيط السياحة وهو الأمر الذي دفع الحكومة إلي بناء فنادق علي أعلي مستوي لاستقبال السياح الذين يزورون الجزيرة للاستمتاع بجوها وزيارة المباني والقلاع التاريخية شاهقة الارتفاع والتي تتميز بتصميمات هندسية رائعة وأشهرها قلعة »سانت هيلاريون« الشهيرة بقلعة »ديو دا مور« أو قلعة »إله الحب«. وقد اهتم المسئولون أيضا بالاستثمار في التعليم عالي الجودة فأنشأوا ما يزيد علي 10 جامعات أصبحت تجتذب الدارسين من شتي أنحاء العالم وكثير منهم من الدول العربية والإسلامية ..وقد ذكر لي أحد المسئولين أنهم قد اختاروا الارتقاء بمستوي تعليم مواطنيهم انتظارا للوصول إلي اللحظة التي تتوحد فيها الجزيرة ويحصل أهل الشمال علي حقوقهم. الرئيس درويش أرأوغلو أكد خلال المؤتمر الصحفي أنه يقدر الظروف التي تمر بها الكثير من الدول العربية والإسلامية هذه الأيام خاصة دول الربيع العربي، ولكنه علي ثقة بأنه سوف يأتي اليوم الذي يتفهم الجميع قضية القبارصة الأتراك ويساندونهم من أجل إنهاء حالة العزلة والانخراط في المجتمع الدولي. في النهاية أريد أن أؤكد علي أن القضية في الجزيرة القبرصية ليست قضية مسلمين ومسيحيين ولكنها لعبة السياسة الملعونة التي تستغل دائما ورقة الدين لتحقيق أغراض دنيئة لاعلاقة لأي دين بها وكل الأديان منها براء.