لولا هذه الوزيرة السابقة -فايزة أبوالنجا- وإحساسها بالمسئولية تجاه بلدها وسلامته.. لما أمكن كشف قضية التمويل الأجنبي المشبوه- للجمعيات الأهلية- ولما أمكن فضح المنظمات الأجنبية التي تمارس نشاطها غير المشروع علي مدي سنوات وتقوم بتقديم المساعدات المالية مقابل تنفيذ اجندة موضوعة باسم الديمقراطية وكانت الجهات المانحة تسعي للتحايل علي القانون وعدم اتباع الطرق الشرعية في ضخ أموال المعونات الخارجية والبعد عن الشفافية في مصادر إنفاق هذا التمويل الأجنبي. وقد تبين من التحقيقات في هذه القضية -التي أثيرت بعد 52 يناير- عدم حصول المتهمين علي تصريح أو ترخيص لمباشرة نشاطهم داخل مصر بالمخالفة للقانون منذ سنوات من خلال انشاء مؤسسات مدنية واتخذوا من واجهة دعم الديمقراطية والتدريب عليها غطاء لذلك النشاط غير المشروع، كما تعمدوا إخفاء تمويل تلك المؤسسات من المنظمات الأجنبية وهي: المعهد الديمقراطي »الأمريكي« والمعهد الجمهوري »الأمريكي« وفريدم هاوس- وقاموا بتمويل المتهمين دون الحصول علي اذن من الحكومة المصرية.. ولذا أقول لولا هذه الوزيرة أبوالنجا لما أمكن فضح تلك المؤسسات المدنية التي اتخذت حجة دعم الديمقراطية واجراء دورات تدريبية ستارا وغطاء لنشاطهم غير المشروع »وهم 32 متهما بالاضافة الي 91 متهما امريكيا عادوا الي بلادهم«. وقد كشفت التحقيقات عن تلقي المنظمات 54 مليون دولار و6.1 مليون يورو في الفترة من مارس وحتي ديسمبر عام 1102 وتورط ابن وزير امريكي وفريددم هاوس والمعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري.. وقد بلغ حجم التمويل للمعهد الديمقراطي والجمهوري في القاهرة 23 مليون دولار قبيل بدء الانتخابات البرلمانية وهو ما يكشف محاولة التدخل فيها بالانفاق علي المنظمات الاهلية والتأثير في اصوات الناخبين لحساب جهات معينة وذلك يدخل في اطار النشاط السياسي غير المرخص به لتلك المنظمات الأمريكية! والسؤال: هل كان المطلوب من مصر أن تغمض عيونها عن مثل هذا النشاط والتدخل في شئونها الداخلية من خلال التمويل الخارجي -والامريكي بالذات- للجمعيات الأهلية؟ وهل كان المفروض ان تتغاضي الحكومة المصرية عن مثل هذا النشاط المشبوه الذي تقوم به منظمات امريكية غير مرخص لها بالعمل في مصر وتقوم بإنفاق ملايين الدولارات بدون محاسبة وتوجهها لاغراض غير معلنة وبطرق غير مشروعة وبصرف النظر عن العلاقات المصرية الأمريكية؟ وبنظرة علي حجم التمويل الأجنبي الذي أنفقته المنظمات الأمريكية يتضح أن نشاطها ليس له علاقة بمنظمات حقوق الانسان او العمل الاهلي المتعارف عليه دوليا.. كما أنه يخرج عن اطار تشجيع الديمقراطية في المنطقة ولذلك سارعت الولاياتالمتحدة ببذل الجهود -وقتها- لدي السلطات المصرية لاحتواء أزمة إحالة 91 أمريكيا الي المحكمة في القضية ولذلك وصلت طائرة حربية امريكية خاصة وبدون اذن وقامت بنقل هؤلاء المتهمين الأمريكيين الي واشنطن قبل أن تتخذ الاجراءات القانونية معهم وثارت علامات استفهام عن الجهة التي سمحت بهبوط تلك الطائرة ومغادرة الأمريكيين التسعة عشر والمرتبطين بالمعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري ومؤسسة فريدم هاوس.. ولكن ظل الأمر غامضا واقتصر علي محاكمة المتهمين المصريين ووقتها وصل الجنرال مارتن ديميس رئيس هيئة الأركان المشتركة في زيارة الي القاهرة وأجري مباحثات مع المشير طنطاوي واعضاء المجلس العسكري حول القضية.. ويبدو أنه حدث التفاهم وقتها بين الجانبين المصري والأمريكي علي ايجاد مخرج للأزمة بعد التوتر الذي حدث في العلاقات وتم تأكيد أن القضية تقع في نطاق القضاء المصري وترتبط بالقانون المصري وأن أي محاكمة سوف يتوافر لها ضمانات لحقوق المتهمين.. ومن خلال التحقيقات تبين ان حجم التمويل الذي أنفقته المنظمات الامريكية الخمس »التمويل الاجنبي بلغ 55 مليون دولار وشارك في عملية التمويل جمعية الدبدوب الدولي ومنظمة فريدم هاوس الامريكية -التي يشرف عليها جورج سورس وثيق الصلة بالمخابرات المركزية الأمريكية والمركز الصحفي الدولي الامريكي.. بالاضافة الي المعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري وكانت تتولي التمويل الخارجي للجمعيات الاهلية في مصر تحت ستار نشر الديمقراطية وهي غير المرخص لها بمزاولة نشاطها من الجهات المختصة.. وقد تم التحفظ علي شيكات وحوالات بملايين الدولارات باسماء بعيدة عن نشاط هذه الجمعيات.. واثار الافراج عن المتهمين الامريكيين التسعة عشر واعادتهم الي امريكا بطائرة حربية امريكية التساؤل عن الجهة التي سمحت بذلك؟ وتعرض الاجراء القانوني من جانب مصر بشأن التمويل الخارجي لحملة من الجانب الامريكي وقال تشارلز ديون المدير الاقليمي لمعهد فريدوم هاوس للشرق الاوسط: أن حملة المجلس العسكري الحاكم علي المنظمات الحقوقية غير مبررة وانها تهدف الي اغلاق كل هذه المنظمات او اخضاعها بالكامل للسيطرة »حسب تعبيره« ووجهت الولاياتالمتحدة تحذيرات قوية الي مصر بسبب قضية التمويل الاجنبي وهددت بقطع المساعدات العسكرية وهو ما يكشف الهدف من التمويل.. وعلي أي حال فإن القضية منظورة أمام القضاء المصري ولا مجال للتراجع عن محاكمة المتهمين..!