وجدت نفسي منذ بداية الأسبوع الماضي مغمورا بالسعادة في زمن أصبح يعز فيه العثور علي أي أثر لمثل هذا الشعور الغائب عن حياتنا. مبررات هذا التغيير تعود إلي تلك الحملات الأمنية التي استهدفت إعادة جانب من هيبة الدولة التي ضاعت علي ضوء عمليات الامعان في خرق القوانين وقواعد التنظيم بكل مدن مصر المحروسة. لقد كان ما يدعو إلي الحزن والأسي أن يصبح ما تبقي من نظام وانضباط من سنوات ما قبل ثورة 52 يناير.. هدفا للعدوان المنفلت الذي قامت به جحافل الباعة الجائلين والبلطجية. إنهم لجأوا إلي احتلال الشوارع الرئيسية وغير الرئيسية في وسط القاهرة وكل أحيائها وحولوها إلي سوق »كانتو« ومصدات لإعاقة انسياب الحركة المرورية وسط تراخ من الأجهزة المسئولة واستسلام كامل لهؤلاء الغزاة الذين اتسمت سلوكياتهم بغياب أي مسئولية. هذه الحملات الشرطية صاحبت تولي اللواء محمد إبراهيم مهام وزارة الداخلية وهو ما أعاد الأمل في امكانية اصلاح ما يكون قد فسد علي مدي السنتين الماضيتين وما ترتب عليه من ضياع لهيبة الدولة. هذا التحرك المرحب به قد جاء بعد مقالات متعددة كتبتها وكتبها زملاء كثيرون في كل الصحف متضمنة تحذيرات مما وصلت إليه الحالة من ترد. إن ما يثير الشجن ان الاستجابة جاءت متأخرة كثيرا. أهم ما أثارني في مواجهة هذه الهجمة البربرية التي تجسدت فيما أقدم عليه الذين استسهلوا امتهان حرفة الباعة الجائلين والبلطجة ما جري من افتراش للشوارع وتعمد إغلاقها دون أي اعتبار لدولة أو قانون. لقد كانت أجمل شوارع القاهرة من ضحاياهم ومنها علي سبيل المثال شارع طلعت حرب (سليمان باشا سابقا). لقد اندثرت معالمه الجميلة وتعرض للإرهاب وتم قطع أرزاق أصحاب المحلات الذين يدفعون الضرائب ويتيحون فرص العمل لآلاف من المواطنين. الشيء المؤسف ان اختفاء هذه الصورة المزرية لشوارعنا اصبحت مرهونة بهذه الحملات الامنية ليعود الوضع الي ما كان عليه بعد ساعات قليلة. إن منطقة شارع الصحافة في بولاق لم تسلم من هذا العدوان الذي جعل منها »سويقة« بشعة. لم تقتصر هذه الممارسات الفوضوية الإرهابية علي تشويه الشوارع.. وإنما شملت أيضا الاستيلاء علي قنوات السير والأرصفة مما جعل المرور سواء للمارة أو للسيارات شبه مستحيل.. انعكس هذا الموقف الذي مازال مستمرا سلبا علي محور شارعي 62 يوليو وشارع الجلاء مما جعل له أسوأ الأثر علي المرور حتي باب الحديد. كم أرجو وأتمني من الله أن يكتب لهذه الخطة الأمنية الصمود والاستمرارية. في نفس الوقت فإنني أطالب الأجهزة المسئولة في محافظة القاهرة وكل المحافظات العمل من أجل ايجاد منافذ بيع مشروعة لهؤلاء الباعة الجائلين الباحثين عن لقمة عيش دون الإخلال بالنظام والقوانين والأمن.