لعل السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا اطاح الرئيس اوباما بوزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون وخرجت علي هذا النحو وبشكل مفاجيء.. ولماذا عين السناتور جون كيري بدلا منها ولم ينتظر حتي يختار الادارة الجديدة في بداية الفترة الرئاسية الثانية؟ ولماذا أقال هيلاري بهذه الطريقة التي توصي بوجود خلاف بينهما حول السياسة الخارجية؟ ولماذا لم يتحملها حتي لا تخرج وحدها في التعديل والتي تعني ان اراد التخلص منها بعد اربع سنوات في وزارة الخارجية؟ ما يبدو ان اوباما لم يكن علي وفاق مع هيلاري وخصوصا في السياسة الخارجية ولم يكن راضيا عن انفرادها دون الرجوع اليه في قضايا عديدة وكان لا يتدخل في مواقفها بالنسبة لقضايا مهمة وبالذات الشرق الاوسط، ولم يكن ذلك غريبا عليها.. فقد كانت منافسته الشرسة علي الرئاسة الامريكية وقبلت منصب وزيرة الخارجية حتي لا يحدث انقسام في الحزب الديمقراطي وايضا لكي تظل في الصورة وهي بطموحها تريد المشاركة في القرار منذ كانت زوجة الرئيس كلينتون.. وكانت خبرة اوباما في الشئون الخارجية محدودة ولذلك اراد الاستفادة من خبرتها السابقة ولاجتذاب دعم انصارها من الديمقراطيين ولذلك ارادت هيلاري ان تثبت جدارتها بهذا المنصب المهم عندما عرضه اوباما عليها! وما يبدو ان مازال لدي هيلاري طموح في الرئاسة القادمة بعد أوباما، وكما يري المراقبون في باريس: انها لن تترك الحزب الديمقراطي وانها تستعد لخوض معركة الرئاسة ولذلك بدأت في حشد مؤيديها داخل الحزب والاعداد للمعركة الانتخابية التي خاضتها من قبل، ولو حدث وفازت فسوف تصبح أول رئيسة للولايات المتحدة وهو ما يتناسب مع طموحاتها. واما بالنسبة للسناتور جون كيري الذي حل محلها فان لديه خبرة واسعة في الشون الخارجية الامريكية واكتسبها علي مدي اكثر من عشرين عاما من لجنة الشئون الخارجية في الكونجرس وله اتصالات عالمية بالنسبة لقضايا في الشرق الاوسط.. وقام بدور في العلاقات بين الادارة الامريكية وجماعة الاخوان لاستكشاف مواقفها بعد الثورة وذلك خلال زياراته الاخيرة لمصر، والتقي مع قياداتها وعقد اجتماعا معهم في مقر جماعة الاخوان ودارت مباحثات بينه وبينهم وخصوصا بالنسبة لإسرائيل وموقف الاخوان من اتفاقية السلام ومدي التزامهم بها، والمعروف ان السناتور كيري يعتبر من اصدقاء اسرائيل والمدافعين عن مصالحها وأمنها مثل ما كانت هيلاري كلينتون! وكانت هيلاري تبدي اهتماما خاصا بالشرق الاوسط وبثورات الربيع العربي في المنطقة.. ولذلك طلبت علنا من مبارك ان يتنحي عن الحكم وقبل ان يعلن اوباما ذلك الموقف الامريكي.. وقد حذرت من ان الحملات الامنية للسلطات المصرية علي منظمات اهلية امريكية ومحلية من شأنها ان تهدد المعونات الامريكية لمصر.. وقالت وقتها: ان هناك مشكلات ناجمة عن الموقف المصري يمكن ان تؤثر علي العلاقات وان واشنطن لا تريد ذلك.. وقد تكشفت اتصالات سرية بين هيلاري والسفيرة الامريكية سكوبي بخصوص كيفية توصيل التمويل الامريكي لمنظمات مدنية في القاهرة وفي برقية باسم كلينتون تقول ان السياسة الان اصبحت نقل التمويل الامريكي في شكل »منح من الباطن« وكان بمثابة تدخل في الشئون الداخلية. ولم تكن هيلاري تخفي ذلك الاهتمام بالمنطقة العربية ولذلك قالت قبل ان تغادر وزارة الخارجية ان التحولات في المنطقة ضرورة استراتيجية للولايات المتحدة ووضح في كلمتها امام مؤتمر شمال افريقيا في واشنطن انها ترسم ملامح السياسة الامريكية تجاه دول الربيع العربي.. واكدت ان مصر اكبر دولة في الامة العربية وحجر الزاوية في المنطقة، وان القيادة الجديدة المنتخبة تري ان نجاح التحول الديمقراطي يعتمد علي بناء توافق في الآراء وتلبية احتياجات المصريين! وتجيء الاشارة من جانب كلينتون الي ان هذه السياسات يجب ان تحقق الاصلاحات الاقتصادية وفرص العمل حتي يمكن للناس الحصول علي سبل كسب العيش واعاشة اسرهم.. واكدت انه يتعين علي الجميع رفض العنف والارهاب والتطرف والالتزام بسيادة القانون ودعم استقلال الهيئات القضائية والتمسك بالحريات الاساسية. واتوقف امام ما قالته هيلاري.. وهو يعبر عن السياسة الامريكية: ان الولاياتالمتحدة تساعد شعوب المنطقة علي تخطيط مصيرهم بأنفسهم وتحقيق كرامتهم الانسانية بشكل كامل، واشارت الي ان المصريين قال في اعقاب الثورة ان الحرية والكرامة اكثر اهمية عن الغذاء والماء لان الانسان لا يشعر بطعامه عندما يتناوله في ذلة ومهانة! إن هيلاري كلينتون تري بوضوح: لا نريد استبدال ديكتاتورية في مصر بديكتاتورية جماعة معينة تسعي للسيطرة علي الحكم وخنق الاراء المعارضة وتعتمد علي قوتها وكثرتها وتحت شعارات معينة تنتقص من حرية التعبير والديمقراطية.. وهو بمثابة اشارة الي جماعة الاخوان!. وكانت هيلاري قد جاءت في زيارة لمصر واجرت مباحثات مع الرئيس المنتخب محمد مرسي وبدا الود والتفاهم اثناء المقابلة وبعدها بفترة قصيرة خرجت من وزارة الخارجية واستبدلها اوباما بالسناتور كيري الذي لا تختلف مواقفه وسياساته عنها!.