عيد ميلاد السيد المسيح فيه استمع ساكنو الأرض لهتاف ساكني السماء - كما ذكر البابا كيرلس السادس (1959 - 1971) البطريرك 116 في رسالته البابوية في عيد الميلاد المجيد عام 1968 - فكانت بشائر الحب الأقدس والإيمان الأوثق وتحقيق الرجاء. فلقد استمع إلي أغاريد الملائكة رعاة الغنم، بينما غفل عنها جهابذة ذلك العصر من رعاة الأمم. فبينما كان الرعاة يحرسون قطعانهم، ويتناجون فيما بينهم، إذ أبرق حولهم نور، وبدت تباشير الفرح، إذ قال لهم الملاك المبشر: (ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب ..) ثم فجأة ظهرت كوكبة من الملائكة تترنم بصوت عذب، يجلله رنين الحب، بتلك الأنشودة الخالدة: (المجد لله في الأعالي، وعلي الأرض السلام، وفي الناس المسرة). هرع الرعاة إلي مدينة بيت لحم، وتحققوا العلامة التي أشار إليها الملاك.. فوجدوا: (طفلاً مقمطاً مضجعاً في مذود). ثم في الرسالة البابوية لذلك البطريرك الجليل في عام 1969 أضاف قائلاً: نتذكر أن ميلاد السيد المسيح جاء إلي عالمنا مبشراً بالمحبة، ومنادياً بالسلام؛ فكان ميلاده ميلاداً جديداً للانسانية وبعثاً لِما أندثر من معالم الخير فيها، ومنحت تعاليمه السامية للمحروم العطاء؛ والمريض الشفاء؛ والحزين العزاء؛ والحقود الصفاء، وبهذا قطع السياج التي اصطنعها الناس من بريق الذهب وسلطان القوة ووضاءة اللون. ففي ميلاد السيد المسيح لم يعد هناك غني وفقير، سيد وعبد وإنما الأبوة السامية التي ظهرت وتجلت في تعليم السيد المسيح: (طوبي لصانعي السلام .. أنهم أبناء الله يُدعون) فالسلام.. والسلام وحده.. هو دعوة السيد المسيح إلي البشر جميعاً ليجمعهم جميعاً في الحب والحنان، الرخاء والإطمئنان، فتغدو الحياة طيبة المذاق في أفواه الأحياء. ثم في رسالته البابوية في عام 1967يقول: يا ملائكة السماء هللوا مبشرين بيقظة الضمير الحي، الضمير الذي يُحسن التنبيه والتوجيه، فلا يكتفي الانسان بما هو فيه بل يتسامي إلي فوق، إلي ما ينبغي، كما يريد الله ويبتغي. فما أحوجنا إلي يقظة الضمير لكي نميز الأمور المتخالفة، ونترك الزيف والمظهر الذي لا يدل علي شئ، ونصل إلي العمق ونهتم بجوهر الحياة. إن الذين نامت ضمائرهم ساءت مصائرهم، لأنهم أتعبوا أنفسهم وأتعبوا الوطن وأتعبوا العالم وكادوا أن يطوحوا به إلي حضيض. يا ملائكة السماء رتلوا فرحين بالقلب المؤمن النقي. فنقاء القلب هبة من الرب، نقاء يجلو كل غموض ويزيل كل التباس، فلا حقد ولا ضغينة، لا حسد ولا دس ولا كبرياء، بل صفاء ما بعده صفاء: (طوبي لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله). يا ملائكة السلام أنشدوا لتُحيوا فينا ذكريات الحب الوفي، الحب الذي يبذل ويجزل، يبذل من أجل الآخرين كل شئ، ويجزل للمحتاجين كل شئ. يا ملائكة السماء غردوا فقد حل علي الأرض السلام الأبي، السلام الذي يأتي من فوق فيمنح طمأنينة وقت الكروب، وهدوءاً إبان الخطوب. فيا سكان الأرض: أعبدوا الله بضمير حي، وأسجدوا له بضمير نقي، وأخدموه في حب وفي، واستمتعوا بسلامه الأبي. وكل عام ومصر كلها بخير.