جاءت عودة البرامج الساخرة كأحد أهم تداعيات ثورة يناير بعد أن طاردتها المحاذير طويلاً سواء في مصر مثل برنامج «حكومة شو» لمحمود عزب و«آدم شو» لأحمد أدم أو في العالم العربي مثل »بس مات وطن«. وكانت حالة التمرد بعد الثورات العربية بشكل عام دفاعآً لظهور هذه التوعية من جديد علي الفضائيات ومواقع الانترنت، مثل »الليلة مع هاني« للفنان هاني رمزي »البرنامج« للإعلامي باسم يوسف وآخر علي غراره تعتزم انتاجه المطربة سما المصري فهل تعد هذه البرامج ترمومتراً لقياس الديمقراطية في المجتمع، وهل تملك القدرة علي تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية وما الشكل الامثل لها؟ هذا ما سيجيب عنه خبراء السياسة والإعلام في السطور التالية فهي ليست مرفوضة ولا يجب ان يغضب منها أحد، ولكن الازمة انها في مجتمعاتنا العربية تلتبس احياناً باشياء أخري، لذا يجب ان يكون هناك تقدير لأهميتها وألا تكون بغرض »الشتيمة« فتكون هادفة، بمعني أن تكون جزءا من المجتمع وليست موجهة من السلطة. وحول تأثيرها علي الاوضاع السياسية قال د. عودة من الممكن أن تغير الأوضاع السياسية خاصة انها تثير فكرة ان ما نعتبره أحياناً شيئاً مهما يكون في الحقيقة عكس ذلك، حيث ان السلطوية تخلع أحياناً رداء من الأهمية علي اشياء غير مهمة وبالتالي فإن السخرية السياسية قادرة علي كسرالقيم الزائفة، ومنطقة النقد عموماً قادرة علي توضيح الحقيقة. المذيع و «البلياتشو» السخرية السياسية في وسائل الإعلام مرتبطة بوجود درجة من الحرية تسمح بها وإلا لما تمكن مقدمها من أن يسخر من وزير او مسئول، بهذا المفهوم بدأت د. نجوي كامل استاذ الإعلام بجامعة القاهرة - حديثها قائلة: مشكلة هذه البرامج انها تحتاج لضبط درجة السخرية والا تحول المذيع الي »بلياتشو« مكانه السيرك وليس الشاشة، فحينما تزيد عن حدها تتحول إلي نكتة ويضيع الهدف منها كنقد سياسي لحدث او موقف او شخص، وبالتالي فهي أداة للنقد وليست »للزعزعة« واضحاك المشاهد، لذا فلابد أن نحافظ علي هذا الهدف. كما أن النقد السياسي ايضاً لا يعني السب والقذف ولا ألفاظا مسيئة او شتائم وهو دليل علي عجز المعد. نقد ساخر فهناك نماذج رائدة مثل احمد رجب ومصطفي حسين وصلاح جاهين ولا يستخدمون ألفاظاً تسيء للآداب العامة أو تخدش حياء المشاهدين. وعن مدي قدرتها علي تغيير الأوضاع تقول د. نجوي وحدها لا أعتقد، فالإعلام بمفرده لا يغير وإنما يقود التغيير ويساعد عليه ومثال ذلك بعض الحملات بالفضائيات الخاصة كانت ضد مشروع الدستور وتروج لهذا ومع ذلك لم تخرج نتيجة التصويت لصالح تلك الحملات، وبالتالي فقدرة الإعلام علي تثبيت الأوضاع ودعم الاتجاهات الموجودة تفوق قدرته علي التغيير. كانت مستحيلة الإعلامية سهير شلبي تري ان السخرية السياسية مؤشر للديمقراطية وتقول في تصوري يجب ان تكون هناك حدود للسخرية بأن تكون بشكل موضوعي دون إهانات، وفي غياب الديمقراطية كان مستحيل عمل هذه النوعية من البرامج، فهي دليل علي حرية الرأي والتعبير وجميل ان تحمل نقداً لاذعاً خاصة انها تعبير عن رأي شريحة كبيرة من الجمهور ولكن دون اساءة وخروج عن الحدود وهذه البرامج كانت مستحيلة في فترة سابقة علي مستوي الميديا بشكل عام، ولكنها الآن متاحة وتراها شريحة كبيرة من الناس واضافة الي الشخصيات الموجه لها النقد، ممكن ان تستفيد منها وتعتبرها وسيلة للتعبير عن الرأي الآخر وبالتالي يمكن تعديل أسلوبهم شرط ان تكون بناءه دون تجريح.