لا أدري كيف غاب عن تفكيرنا وعقولنا جميعا، من الخليج إلي المحيط، هذه البديهة حول »أرض الميعاد« والتي فجرها منذ يومين المطران كيريلس سليم بستراس أسقف نيوتن »الولاياتالمتحدةالأمريكية« وذلك عندما وقف يلقي بيانه الختامي لمجلس أساقفة الكنائس الكاثوليكية بالشرق الأوسط، والذي انعقد في الفاتيكان منذ منتصف الشهر الحالي- وقف المطران كيريلس في قلب الفاتيكان ليفجر قنبلة اعلامية، ودينية وتاريخية بأن قال: »إنه لا يمكن لإسرائيل أن تستند إلي عبارة »أرض الميعاد« لتبرير انتقالها إلي أرض فلسطين، وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وأنه من غير المسموح أبدا الاستناد إلي عبارة وردت في الكتاب المقدس واستغلالها كأداة لتبرير الظلم علي الآخرين، أما بالنسبة للمسيحيين فإنه لا يمكن التحدث عن عبارة أرض الميعاد التي وردت في العهد القديم، إذ إن هذا الوعد لم يعد قائما بعد مجيء السيد المسيح الذي منذ مجيئه بتنا نتحدث عن أرض الميعاد علي أنها كامل ملكوت الرب الذي يشمل الأرض بأكملها، وهو ملكوت سلام، ومحبة، ومساواة، وعدل«. وهكذا، فإنه علي مدي أكثر من ستين عاما لم يخرج واحد منا شيخا كان، أو قسيسا، أو مفكرا سياسيا، أو مؤرخا.. أو أي شيء، لم يخرج واحد منا ليشكك، أو حتي مجرد يناقش، هذه الذريعة التي تبنتها إسرائيل لتبرير استيطانها لفلسطين، وما أن ابتلعنا هذا الطعم بسذاجة البلهاء، كان أن خرجوا علينا بعد ذلك بأسطورة »يهوذا والسامرا« ولو كنا بلعناها بدورها لخرجوا علينا بجديد يلقي بنا جميعا خارج منطقة الشرق الاوسط.. وكم من أساطير ساذجة ابتلعناها بسذاجة الاطفال في الكثير من شئون حياتنا، وتاريخنا، ومستقبل أوطاننا جميعا..ابتلعناها ولم ننتبه إلي خطورتها ونتائجها لأننا كنا مشغولين للغاية بصراعاتنا الداخلية والأزلية حول الزعامة والسيادة، والتفوق علي بعضنا البعض، والزعم بأننا الأفضل، والأقوي، والأغني.. وكل أشكال التباهي الفارغ والأجوف!