لا يزال الإعلام المصري رهين محبسيه، يُناغي طائفة ويُناوش أخري، يصوّر للناس أن هذا الفصيل يمشي سويّا علي صراط مستقيم والآخر يسعي مُكباً علي وجهه، يقترب من الحيادية قيراطاً ويبتعد عنها بعد هنيهة أربعة وعشرين، وحتي هذا يجب ألاّ يكون مبرراً أبداً للاعتداء علي مقرات الصحف ومحاصرة وسائل الإعلام، الأمر الذي يعطي مندوحة لكل أفاك أثيم يدعو إلي تغيير صورة الإسلام البيضاء في عقول الغرب وتصوير الإسلاميين بالهمج الذين لا يعرفون من المدنية إلا اسمها، فنصبح كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، خاصة عندما يحدث هذا من أناس يظنون - أكذب الظن - أنهم دُعاة إلي الله ورسوله، فأي فهم ذلك الذي فهموه من الشريعة أباح لهم نشر الخوف والاعتداء علي المقرات، ثم ألم يقرأوا أن الإسلام نهي عن ذلك ولو بين المخالفين في العقيدة، فما بالنا بالمخالفين في المنهج السياسي، وإذا كان الإسلام قد أباح عبادة الله علي مذاهب شتي، حتي بين أهل السنة والجماعة، ألا يبيح لنا الاختلاف في الرأي الدنيوي، وقد يردّ البعض بأن التهويل فيما حدث لحزب الوفد سبقه تهوين أثناء إحراق مقرات الحرية والعدالة، مما يجعل الإعلام يمشي بين الناس بشق مائل، وهذا صحيح في جانب كبير منه وبعيد عما ندعو إليه من احترام المهنية.