محمود عطية معضلة قراءة المشهد السياسي الحالي عند العديد من المحللين تكمن في فهم طبيعة فترات التحول من الأنظمة المستبدة العميقة إلي انظمة ديمقراطية حديثة .. ولذلك أري المعضلة ليست في المشهد الحالي انما في قراءته وما تصدره لنا من رسائل بائسة.. فمثلا انا شخصيا من خلال قراءة تاريخ الثورات لم أجد ثورة واحدة حققت التآلف الوطني سريعا ولا نجحت ثورة إلا ودب الخلاف سريعا بين قادتها إلي حد الوصول إلي التصفية الجسدية بين قادتها وثوارها..! ولو عدنا لواحدة من أعظم الثورات في التاريخ وهي الثورة الفرنسية التي قامت 1789نجدها تحولت سريعا إلي الديكتاتورية وذبحت ما بين 16.000 إلي 40.000 فرنسي مابين عامي 1793 و1794 فقط علي يد ما سمي "لجنة السلامة العامة".. وظلت مرتبكة سبعين عاما إلي ان استقرت.. ورغم ذلك انتجت وثيقة حقوق الانسان.. ومحللو مشهدنا الحالي لا يرون فيه سوي انتكاسة وقسمة أبناء الوطن ولا ينقصهم سوي شق الجيوب ولطم الخدود علي ضياع ثورة يناير واختطافها.. وكأننا بين عشية الثورة وضحاها لابد ان نتآلف ونختار طريقا واحدا! لماذا لا يستوعب محللونا انه بعد زلزال بحجم 25 يناير- المفاجئ لنا جميعا- لابد أن تميد الارض بنا ويغيب صوت الحكمة بعد انتشالنا من قمم عاش فيه الوطن تاريخه كله اشكالا استعمارية مختلفة ألوانها.. وفجأة وبلا تخطيط تضعنا ثورة يناير أمام كل عللنا وأمراضنا الفكرية وميراث الاستعمار فينا من الخوف والجهل . فمن أين لنا الرؤية الواحدة والطريق الواحد..؟! أليس طبيعيا في مشهدنا الحالي أن يختلط الرأي بالرؤية الايدلوجية وتكبر الآمال وتنهزم الطموحات التي تنسي أرض الواقع..!