قلتها من قبل مرارا.. اعلنتها وكررتها تكررا.. ان لي تحفظا علي تعبير شاع.. وعلي السنة الكافة- الخواص منهم قبل العوام- انتشر وذاع الا وهو تعبير »الوحدة الوطنية« ذلك ان الوحدة عادة ما تأتي الا بعد فرقة.. كما ان الاتفاق انما يأتي بعد تنافر وشقاق. والمصريون منذ فجر التاريخ ما كانوا يوما متضادين حتي يصيروا متحدين.. ما كانوا قبل متباعدين متنافرين.. حتي يصيروا- من بعد متقاربين متآلفين.. ثم ان شعب مصر عن بكرة ابيه.. كله كله من ذوي الارحام.. هم ذوو قرابة ونسب.. وحين فتح عمرو بن العاص مصر قبل اربعة عشر قرنا من الزمان كان يحمل معه وصية رسول الاسلام.. ونبوءته عليه الصلاة والسلام »سيفتح الله عليكم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فان لهم ذمة ورحما«. كما كان يحمل معه اوامر قائده الاعلي امير المؤمنين عمر بن الخطاب. اوامر حاسمة وحازمة بان يحافظ علي اهل مصر.. ويصون كنائسهم واديرتهم وصلبانهم.. كما ان عمرو بن العاص لا ينسي ابدا ان رسول الله صلي الله عليه وسلم احسن استقبال وفد نصاري نجران واحتفي بهم.. حتي انه حين حان وقت صلاتهم افسح لهم مكانا في مسجده ليصلوا فليه.. وبهذه الوصايا والقيم الغالية التزم عمرو بن العاص.. فكان فتحه لمصر انقاذا وحماية لاهلها من بطش وقهر الرومان وبادر باستعادة كبير قبط مصر »المطران بنيامين« من منفاه بالصحراء.. ليتبوأ من جديد ويسترد مكانه ومكانته.. ومنذ ذلك التاريخ عاش المصريون.. اقباط ومسلمين اخوة متحابين متلاحمين.. متناغمين متآلفين متكاتفين.. يدا وحدة.. مجتمعين علي كلمة سواء.. يسعي بزمتهم او اتاهم.. وهم يد علي من سواهم.. في كل شدة وضراء.. ينتظمهم نسيج مصري واحد. (وللحديث بقية) كاتب المقال : عضو المجمع العلمي المصري وعضو المجلس الأعلي للشئون الاسلامية