حمدى الكنىسى - د. منى الحدىدى مع تلاحق الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد حالياً من مليونيات واعتصامات يحاول التليفزيون المصري استعادة بريقه، والثقة المفقودة بينه وبين المشاهد وأن ينفي عن نفسه الاتهام الذي ظل يطارده بأنه بوقا للنظام، فما تقييم خبراء الإعلام لأداء التليفزيون المصري ومدي تعبيره عن نبض الشارع، وهل استعاد فعلاً عافيته وبدأ ينهض بمهامه وواجباته تجاه مشاهديه؟! في البداية ترفض الإعلامية سهير الأتربي فكرة أن التليفزيون المصري كان بوق دعاية للنظام وتفضل التخصيص بأنه كان كذلك في بعض برامجه أو قطاعاته وتقول: عموماً العاملون بالتليفزيون الآن يتمتعون بسقف حرية أعلي ويحاولون جاهدين الإصلاح في الشكل والمضمون، وفي رأيي أن الإصلاح بدأ من الاستغناء عن المتعاملين من خارج المبني خاصة الإعلاميين الذين كانوا يحصلون علي أجور فلكية قادرة علي تدريب كوادر بأعلي الإمكانات وقد بدأ التليفزيون ينهض بالفعل فهو »يمرض ولا يموت« ويمكن القول إنه في مرحلة المرض ولايزال إلي الآن في فترة النقاهة ولأنه جزء من حياتي إن لم يكن حياتي كلها أتمني له الشفاء واستعادة ريادته المفقودة. وعن مدي تعبيره في الفترة الحالية عن نبض الشارع المصري تقول الأتربي: هذا ما يحدث الآن بالفعل، خاصة مع حرية الرأي التي يتمتع بها العاملون بالتليفزيون المصري حالياً وهو ما يجب أن نركز عليه دون التركيز علي خطاياه التي أغضبت منه الكثيرون أيام ثورة يناير وما تلاها، وأنا شخصياً ألتمس لهم الأعذار إذا كانوا في حالة حيرة شديدة من عنصر المفاجأة ولم يكن أحد يعلم »رايحين علي فين« وأي جبهة يختار. وتختتم الإعلامية سهير الأتربي كلامها قائلة: عموماً أري أن المشاهد الآن بدأ يرجع للتليفزيون المصري من جديد علي الأقل بنسبة 06٪. التحرر أولاً د. مني الحديدي أستاذ الإعلام ترفض التعميم في التقييم وتري أن الحل الوحيد هو تحرر التليفزيون الرسمي أولاً من قبضة الحكومة وتقول: لا يمكن القول المطلق بأن التليفزيون قام بدوره وواجبه تجاه الأحداث بشكل عام أولاً، فهناك برامج جيدة وأخري دون المستوي، وهناك أحداث نجح في تغطيتها بمهنية وأخري لا، ولكن عموماً لايزال التليفزيون المصري لم يحقق المنشود منه كإعلام يعبر عن مصر ما بعد الثورة ومازال نمطياً والأمثلة علي ذلك كثيرة، ويكفي أن القيم الإخبارية مازالت مرتبطة بوظيفة مصدر الخبر، فنحن بذلك نعمل بالقيم القديمة وليس بالضرورة أن يكون إعلام الرئيس »رقم 1« وبالتالي مازلنا بعيدين عن الفضائيات ذات الشهرة الحقيقية التي تضع أهمية الخبر في المقام الأول. وتواصل د. مني: إن قناة النيل للأخبار شهدت تطوراً كبيراً ومهنية أعلي من القنوات المصرية الأخري وإن كان ذلك ليس المستوي المطلوب، إضافة إلي وجود بعض الملاحظات علي القنوات مثل الأولي والثانية والفضائية مثل تشابه برامج التوك شو وضيوفه، فمازلنا ندور في فلك الضيوف كبار السن، رغم انه من المفترض أن يكون الإعلام مفتوحا لمختلف التوجهات والأجيال، إضافة إلي ضرورة التخلص من إصباغ الصفات علي المتحدثين بالبرامج دون مبرر منطقي مثل موضة »الخبير الاستراتيجي« وبشكل عام أري أن هناك غياباً للدور التنويري للإعلام الرسمي. وعن كون التليفزيون مازال بوقاً للنظام أم تغير تقول د. مني الحديدي: لن يستطيع أن يكون غير ذلك إلا حينما تتغير الهيكلة، فمعروف أن وزير الإعلام ناطق باسم الحزب الحاكم ووزارة الإعلام هي وزارة الحزب الحاكم، فلابد أن تخدم عليه، فإذا كنا نسعي لوجود تليفزيون وإذاعة معبرين عن المجتمع المصري ينتقد ويعبر عن كل كيانات مصر السياسية والدينية والعسكرية فلابد أولاً من إلغاء تبعيتهم لوزارة الإعلام أي أن يتحرر التليفزيون الرسمي من قبضة الإعلام الحكومي. الخطوط الحمراء الإعلامي حمدي الكنيسي يري أن بعض الإعلاميين في التليفزيون المصري لم يتخلصوا من الرقابة الذاتية وآخرين مازالوا ملكيين أكثر من الملك ويقول: أري أن التليفزيون في أعقاب نجاح ثورة يناير انطلق محاولاً بسرعة أن يستعيد ثقة المشاهدين، وظهرت بوادر لذلك حيث فتح المجال للرأي والرأي الآخر مع بداية الثورة وبدأ يقترب من الإعلام الخاص. ويواصل الكنيسي: ولكن تعاقب أكثر من وزير إعلام ولكل رؤيته، وكان للبعض أخطاؤه، عندما تصور أن الانطلاقة الإعلامية لابد أن تقف عند حدود معينة وأعتقد أن أحداث ماسبيرو كانت مثالاً لذلك، وأنا هنا لا ألقي المسئولية علي كبار المسئولين فقط، بل إن بعض المذيعين كان يتحرك بإحساس الرقيب داخله وعادوا للرقابة الذاتية، من هنا توقفت بشكل أو بآخر الانطلاقة التي كان قد بدأها التليفزيون الرسمي عند حد لا هو بالقديم الذي كانت تسيطر عليه التعليمات ولا هو بالحديث الذي كان يستلهم روح ثورة يناير، في ظل ما أثير ويثار حول الأخطاء والانفلات الإعلامي. ويؤكد الكنيسي أن الانتقادات الحادة من كثير من الأطراف لتجاوز الخطوط الحمراء بدأت تنعكس علي الإعلام الرسمي، ويقول: رغم أن وزير الإعلام الحالي أعلن وأكد أكثر من مرة أنه لا توجد خطوط حمراء للإعلام، لكن عادت الانتكاسة، وأعتقد أن تغطية التليفزيون للأحداث الأخيرة خاصة المليونيات »كشف حساب« و»مصر مش عزبة« تكشف هذا التراجع!